فى مثل هذا اليوم 20 مارس من كل عام يحتفل باليوم العالمى لـاللغة الفرنسية، من أجل الاحتفال بتعدد اللغات والتنوع الثقافي، وكذلك لتعزيز الاستخدام المتساوي لجميع لغات العمل الرسمية الست في جميع أنحاء المنظمة.
تم اختيار هذا التاريخ للغة الفرنسية، لأنه يتزامن مع الذكرى الأربعين للمنظمة الدولية للفرانكفونية، ويتم الاحتفال به بإقامة العديد من النشاطات التي تهدف إلى الترويج للغة الفرنسية، فيتم تنظيم نشاطات بالتعاون مع ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرانكفونية.
وترتبط الثقافتان المصرية والفرنسية بشكل وثيق عبر التاريخ، وظهر ذلك بشكل كبير فى تأثر كثير من المثقفين المصريين والفرنسيين بالحضارة الإنسانية والإبداع الثقافى والفنى الموجود فى البلدين، ومن الجانب المصرى تأثر عدد كبير من الشخصيات المصرية بالثقافة والأدب والتاريخ الفرنسى، وهو ما ظهر جاليا من خلال كتابتهم، التى كتبوها بعد عودتهم من العاصمة الفرنسية باريس، ومن أبرز هولاء الشخصيات:
أحمد شوقى
أحد أهم شعراء العصر الحديث، سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوى توفيق، وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى منطلقات شوقى الفكرية والإبداعية، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة فى تكوين (جمعية التقدم المصرى)، التى كانت أحد أشكال العمل الوطنى ضد الاحتلال الإنجليزى. وربطته حينئذ صداقة حميمة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتّح على مشروعات النهضة المصرية.
وهناك تأثر شوقى بالثقافة الفرنسية خاصة الشاعر الفرنسى موليير، كما كان متقنًا للفرنسية التى مكنته من الإطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر فى بعض نتاجه وما استحدثه فى العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.
محمد حسين هيكل
أبو الرواية العربية، صاحب أول رواية فى الأدب العربى والمصرى، وهى رواية "زينب"، حيث ألفها بعد عودته إلى مصر قادما من فرنسا فى سنة 1914 بعنوان "زينب - مناظر وأخلاق ريفية"، وهى تعد البداية الرسمية للإبداع الروائى العربى كأول رواية تكتب باللغة العربية، وهو ما يوضح تأثره بالثقافة والأدب الفرنسى، خاصة أن فن الرواية كان أحد فنون الكتابة المستقرة فى الغرب.
واغتنم "هيكل" فرصة وجوده فى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه للاستماع لمحاضرات عديدة فى الأدب الفرنسى، وأقبل على قراءة الأدب الفرنسى بعد أن أتقن الفرنسية إلى جانب اهتمامه بزيارة المعارض، والمتاحف، والآثار.
طه حسين
سافر عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين عام 1914 إلى مونبلييه الفرنسية، بعدما أوفدته الجامعة المصرية لاستكمال دراسته هناك، ويبدو أن تأثر "حسين" بالثقافة والحضارة وطرق التعليم الفرنسية كان سريعا، وآثار عددا من الانتقادات للتعليم الجامعى فى مصر، خاصة جامعة الأزهر، وهو ما كاد يكلفه حرمانه من تكاليف نفقاته الدراسيه هناك، لولا تدخل السلطان حسين كامل.
وكان زواج طه حسين من سيدة فرنسية الجنسية هى سوزان بريسو، عظيم الأثر، فقد ساعدته على الاطلاع أكثر بالفرنسية واللاتينية، وتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.
وما أن عاد عميد الأدب العربى إلى القاهرة حتى بدأ نشاطه الفكرى، فدعا إلى نهضة أدبية، وقام بتقديم العديد من الآراء التى تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة وأخذ على المحيطين به من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية فى تدريس الأدب العربى، وضعف مستوى التدريس فى المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب.
توفيق الحكيم
رائد المسرح المصرى، سافر إلى باريس بعدما أرسله والده لدراسة القانون هناك، لكنه كنا شغوفا بالمسرح، فاتجه إلى الأدب المسرحى والقصص، بعدما تردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا، ما جعله يكتسب الكثير من الثقافة والأدب هناك، وهو ما يظهر من خلال نشره أول أعماله الأدبية من باريس عام 1936، وهى مسرحية شهرزاد.
المدهش الأكثر هى ترجمة عدد كبير من أعمال الحكيم الرواية والمسرحية إلى تم نشرها وترجمتها اللغة الفرنسية، مثل مسرحيات "بجماليون، الملك أوديب، سليمان الحكيم".
كما يعتبر البعض رواية "عصفور من الشرق" هى ملخص لسيرة "الحكيم" فى فرنسا، حيث تعد الرواية انعاكساً حقيقاً لحال المجتمع الفرنسى فى ذلك الوقت، ويحاول الكاتب فى الرواية أن يبحث عن الحلم المفقود والمدينة الفاضلة، ويتكلم عن حيرة بطل الرواية الشرقى فى باريس، وقصة حبه الحالم، والصراع بين الغرب والشرق، الواقع والخيال، العقل والقلب، الحداثة والأصالة، العلم والإيمان، الماديات والروحانيات.