تمر اليوم الذكرى الـ1204، على وقوع ثورة الربض أو "وقعة الربض"، فى قرطبة إحدى حواضر الأندلس وقت حكم المسلمين، وهى ثورة قام بها أهل قرطبة، خاصة سكان منطقة تسمى "ربض شقندة" ضد حكم الأمير الحكم بن هشام، وكادت أن تنهى حكمه، وكان من نتائجها إجلاء قطاع كبير من سكان الربض عن قرطبة.
وبحسب كتاب "تاريخ افتتاح الأندلس" لابن القوطية، دبر مجموعة من فقهاء قرطبة منهم يحيى بن يحيى الليثى وعيسى بن دينار وطالوت بن عبد الجبار المعافرى لخلع الحكم بن هشام، لما راوه منه من قسوة والخروج على أحكام الدين، وبذخ وشغف باللهو والشراب، وألبوا العامة ضده من على المنابر، رأى الفقهاء أن هناك أموى آخر يدعى محمد بن القاسم المروانى بديلاً يصلح للحكم، خشى الرجل على نفسه عاقبة فشل المؤامرة، فأبلغ الحكم الذى قبض على بعضهم وفر البعض، وكان ممن فر يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار.
أمر الحكم بصلب اثنين وسبعين رجلًا منهم، مما أدخل البغضاء والرهبة إلى قلوب العامة، وصاروا يتعرضون لجنده بالأذى والسب إلى أن بلغ الأمر بالمحتجين أنهم كانوا ينادون عند انقضاء الأذان: الصلاة يا مخمور الصلاة وشافهه بعضهم بالقول وصفقوا عليه بالأكف فشرع فى تحصين قرطبة وعمارة أسوارها وحفر خنادقها وارتبط الخيل على بابه واستكثر المماليك ورتب جمعًا لا يفارقون باب قصره بالسلاح فزاد ذلك فى حقد أهل قرطبة وتيقنوا أنه يفعل ذلك للانتقام منهم.
من أسوأ أثار هذه الموقعة هو استغلال شارلمان الصليبى هذه الأحداث الدائرة، واستولى على مدينة برشلونة وجعلها عاصمة بلاده، و
كان من نتائج هذه الثورة إجلاء قطاع كبير من سكان الربض عن قرطبة، فتفرقوا في أنحاء الأندلس وعبر عدد منهم إلى المغرب، كما توجه نحو 15,000 منهم إلى الإسكندرية في الفترة التي نشبت فيها فتنة أخرى في المدينة، ثم ما لبث أن شاركوا فيها فأجلاهم عبد الله بن طاهر والي مصر، فتوجهوا إلى جزيرة إقريطش (جزيرة الكريت) عام 827 م، وأسسوا فيها دويلة استمرت حتى عام 924 م حيث هزمهم البيزنطيون.