"من الأماكن الرئيسية في القاهرة والتي يقصدها أفراد الطبقة الدنيا والتجار، وتزدحم بهم عصرا ومساء وخاصة في الأعياد الدينية" هكذا وصف المستشرق الإنجليزي إدوارد دلين الذي عاش في القاهرة بداية القرن التاسع عشر المقاهي المصرية في كتابه "المصريون المحدثون".
ترتبط المقاهى فى أذهان المصريين بالعديد من الذكريات، المقاهى فى قلب المحروسة لها روحها وطابعها الخاص لدى أهلها، يتنوع مرتادوها وهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية هامة فى تاريخ البلاد، بخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، حتى توسعت فى عهد الأسرة العلوية، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريين وكأنها بيتهم الثانى.
والمقاهي قديما كانت تختلف نوعيا عن المقاهي حاليا، حيث كانت في الماضي أماكن مخصصة لرواية قصص السيرة الشعبية والملاحم، من أمثال قصص أبي زيد الهلالي والأميرة ذات الهمة والظاهر بيبرس، وكانت تقدم بها مشروبات كالقرفة والكركديه والحلبة والزنجبيل، إلى أن أضيفت إليها القهوة بعد إباحتها في مصر.
وكانت للمشايخ وطلبة الأزهر مقاهيهم في حي الحسين وأشهرها "قهوة شعبان" وكان من زبائنها المطرب محمد الكحلاوي، بينما كان للمجاذيب والصعاليك وأرباب الطرق الصوفية مقهاهم الخاص، وكان من أشهرهم "على نيابة" الذي تقمصته شخصية ضابط في جيش محمد على باشا، فكان يرتدى الملابس العسكرية ويضع فوق رأسه طربوشا له زر طويل. ويزين صدره بأنواع شتى من النياشين الفالصو وسدادات زجاجات المرطبات، وكان يكحل عينيه ويمسك سيفا من الصفيح وهو يقدم عروضه العسكرية ونداءاته الحماسية المبهمة.