يحفل شهر رمضان بذكريات عطرة للمسلمين غير أن الكتاب يتميزون بقدرتهم على تسجيل تلك الذكريات، وللكاتب الراحل الكبير جمال الغيطانى تأملات رمضانية، كتبها تحت عنوان "متتاليات رمضانية" واستدعى فيها ذكرياته عن الشهر الكريم حيث قال عن أيام الطفولة: "فى طفولتى والرحلة لا تزال فى بدايتها كنت انتظر قدوم أول أيامه كما انتظر حلول ضيف عزيز يصحب معه كل جميله".
وفيما كان يسكن أيام طفولته فى حارة عتيقة من حارات القاهرة القديمة، فإن أول شعور كان يراود جمال الغيطانى مع حلول شهر رمضان هو ذلك "الشعور العميق بالاطمئنان، حيث تحبس العفاريت وإمكانية اللعب والمرح إلى ساعة متأخرة من الليل".
ويستدعى جمال الغيطانى فى متتاليات رمضانية حتى "الذكريات الغذائية الرمضانية" مثل "الزبادى الذى يعد من لوازم السحور والذى كان يباع فى أوان صغيرة من الفخار تسمى بالسلطانية ومذاقها بالتأكيد مختلف عن الزبادى المعبأ الآن فى ورق مقوى وينتج بكميات كبيرة"، أما الحلوى فتتحول من طبق استثنائى فى الأيام العادية إلى ثابت من الثوابت الرمضانية سواء كانت "كنافة أو قطايف".
ولا ينسى الغيطانى "المسحراتى" وهو يمضى بالنداء المنغم: "اصحى يانايم.. قوم وحد الدايم" وهو نداء له سحره عند الأطفال على وجه الخصوص والذين تغمرهم السعادة عندما ينادى المسحراتى فى طوافه الليلى الرمضانى بأسمائهم ناهيك عن "فانوس رمضان".
وقد استدعى ضمن ذكرياته الرمضانية إصرار المقاتلين المصريين على القتال وهم صائمون فى حرب أكتوبر رغم صدور فتوى بالإفطار كما استدعى "الوجبة الرمضانية الجاهزة" التى وفرتها شركات القطاع العام حينئذ للمقاتلين فى الشهر الفضيل وكانت تحوى كل المكونات الغذائية الرمضانية التى يعشقها المصريون بما فى ذلك "المخلل".