قبل يوم 21 أغسطس 1911، كانت لوحة الموناليزا للفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي، مجرد لوحة معلق فى إحدى الأركان، تحظى بمساحة لا تتجاوز أبعادها 76 سنتيمترا طولا، و50 سنتيمترا عرضا، منذ أن تم تعليقها على جدران متحف اللوفر عام 1797، وحينها لم تكن بهذه الأهمية أيضا التى تؤهلها لأن تنفرد بجدار كامل مثلما هو حالها الآن.. ما الذى حدث لكى تكتسب هذه اللوحة هذه الأهمية العالمية؟.
المثير فى لوحة الموناليزا، التى خضعت للعديد من الدراسات، هو أن أغلب الآراء تتفق على أن من يراها لا تنتابه أية مشاعر تجاهها، مجرد لوحة لامرأة، تنوعت الدراسات والاكتشافات حول حقيقة أو هوية المرأة التى رسمها ليوناردو دافينشى.
لكن حدثا عارضا، غير حياة الموناليزا قبل نهاية عام 1911، ففى يوم 21 أغسطس من هذا العام، أقبل لص إيطالى يدعى "فينسينزو بيروجيا"، عرف بسرقة الأعمال الفنية، على سرقة اللوحة من على الجدار من بين أعمال أخرى كانت بجوارها، ولم تكن السرقة بهدف البيع والتكسب من ورائها، بل كان الهدف من ورائها حسبما كشفت التحقيقات، هو إعادتها إلى إيطاليا، ففى ظنه اعتقد أن نابليون بونابرت أخذ اللوحة من إيطاليا لتصبح فرنسا موطنها الجديد، لكنه اكتشف لاحقا أن ظنه كان خاطئا.
ورغم سهولة سرقة اللوحة، وخروجه من أبواب المتحف دون أن يشعر أحد بأنه يخفى الموناليزا تحت معطفه، وجد "فينسينزو بيروجيا" نفسه فى أزمة استمرت لمدة عامين، تلك الأزمة كان سببها الاهتمام الإعلامى الكبير بتسليط الضوء على سرقة اللوحة.
لموناليزا أول عمل فني يتم تداوله على مستوى عالمى
فبعد اكتشاف السرقة فى اليوم التالى، أغلق المتحف أبوابه أمام الجمهور لمدة أسبوع، وبعدها اصطف الجمهور أمام الأبواب لا لشيء سوى، رؤية المكان الذى سرقت منه اللوحة التى سبق وأن شاهدها أغلبهم إما فى المتحف، أو فى الصحف، وبذلك أصحبت الموناليزا أول عمل فني يتم تداوله ورؤيته على مستوى عالمي
عودة الموناليزا بعد سرقتها
ومع هذا الاهتمام، كانت الشرطة تفتش فى كل مكان بحثا عن اللوحة، التى أصبح من الصعب جدا على سارقها "فينسينزو بيروجيا" أن يتصرف فيها، أو يخرج بها من فرنسا إلى إيطاليا، أو يعرضها للبيع فى إحدى المزادات المخصصة لذلك، ولهذا، وبعدما نفذ صبره فى عام 1913، اتصل "فينسينزو بيروجيا"، بتاجر الأعمال الفنية فى فلورنسا "ألفريدو جيري" وعرض عليه إرجاع اللوحة نظير مكافأة مادية، ولكى يتم ذلك، اتفق الاثنان على اللقاء فى إحدى الفنادق، والإبقاء على اللوحة فى مكان آمن، لكن المفاجأة التى لم يتوقعها "بيروجيا" وكانت فى انتظاره، هى أن تاجر الأعمال أبلغ الشرطة بالموعد، وأثناء خروجه ألقى القبض عليه، وعادت اللوحة التى غيرت وجه تاريخ الفنون منذ تلك اللحظة وحتى يومنا هذا، بل وإلى الأبد.
ومع استمرار الدراسات التى عكفت على فحص ودراسة اللوحة، والتفتيش فى هويتها، وما رواء الكواليس حتى خروجها بهذا الشكل، احتفظت اللوحة باهتمام إعلامى عالمى، لعب فيه المخربون دورا لا يمكن إخفائه، كان آخره، عندما ألقى رجل متنكر فى هيئة امرأة عجوز على كرسى متحرك، قطعة من الكعكة على الزجاج الذى يحمى لوحة الموناليزا فى متحف اللوفر.