علم النفس من أكثر وأشهر العلوم التي يحرص الكثير على تعلمه والتعمق فيه، من أجل فهم النفس البشرية وكل ما يخصها، فهو من أهم العلوم التي تساعد في بناء العقل البشري، وفهمنا للعواطف الإنسانيّة والشخصية والذكاء والذاكرة والإدراك، فضلاً عن التعمّق في العمليات البيولوجية الكامنة، والهدف من علم النفس ليس فقط دراسة التفكير والسلوك البشري، بل بوضع هذه المعرفة حيّز التنفيذ، لمساعدة الناس والمجتمعات على حل المشاكل اليومية وتحسين نوعية الحياة والارتقاء به، وفى كتاب "استشراف علم النفس" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، يحاول الدكتور محمد حسن غانم، طرح رؤيته عن مستقبل دراسة علم النفس ليس فقط في مصر والعالم العربي، بل وفي العالم أجمع.
ويعد استشراف المستقبل في علم النفس من الأمور بالغة التعقيد، حيث يبين الباحث أنه يكاد لا يوجد مراكز تهتم بسبر أغوار المستقبل، وإذا وجدت تكون من أجل التظاهر بأن الأبحاث متطورة وتواكب المستقبل دون وجود بارقة لتفعيل أنشطة هذه المراكز على أرض الواقع، ورغم وجود وزارات للتخطيط إلا أنه توجد فجوة بين التخطيط وتفعيل هذا التخطيط على أرض الواقع.
ويوضح المؤلف إلى أن التطور العلمي الراهن أعاد العقل إلى العلماء فبدأوا يمدون أبصارهم ويفتحون عقولهم للاطلاع على التخصصات على التخصصات الأخرى، من أجل تكامل بين العلوم المختلفة لفهم الإنسان، مشيرا إلى أن التناسق بين التخصصات المختلفة هو الوسيلة الوحيدة لفهم كامل وتحقيق نظرة كلية دينامية وحقيقة لفهم الإنسان.
ويبين الكتاب أن مستقبل علم النفس مرتبط بمستقبل العلوم الأخرى ومدى تقدمها خاصة ونحن في عصر العولمة، لافتا إلى أنه لابد من الاستفادة من العلوم البيئية وعلم الوراثة والعلوم العصبية لمواكبة التطورات الهائلة في أبحاث الجينوم والخريطة الوراثية وأنه في القريب سوف تكون هناك خريطة توضح للشخص الأمراض التي من الممكن أن يصاب بها مستقبلا وجملة الإجراءات التي يجب عليه اتخاذها ليمنع أو يؤجل هذا المرض، وكذلك الاستفادة من بحوث المناخ لمعالجة السلوكيات التي تؤدى إلى تدمير وتلوث البيئة، كذلك لابد من الاستفادة من خدمات الحاسب الآلي أو ما يعرف بالنمذجة الحاسوبية، من أجل إمكانية مثلى لمعرفة معلومات عن تخصص معين.