أدبه ملء السمع والبصر، أعماله ما زالت تستحوذ على اهتمامات القراء وتتصدر رفوف المكتبات، أفلامه أيقونات في السينما المصرية والعربية، مسيرته عرفها الجميع، الكثير حاول أن يعرف كيف استمر نجيب محفوظ صاحب "الثلاثية" لمدة سبعين عامًا على القمة، لكن ربما حياته الأولى في منزل عائلته ليس لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام.
الجميع يعرف نجيب محفوظ، وسمع والدته التي أثرت في وجدانه وصاحبة تسميته بهذا الاسم، ووالده الذى كان سببًا في المسلك الوظيفى الذى وصل إليه، لكن ربما لا يعرف الكثير عن إخوة وأخوات نجيب محفوظ، وكيف كانت علاقته بهم.
وهو ما رواه صاحب نوبل في الآداب لعام 1988، في حواره مع الناقد الكبير رجاء النقاش، في كتاب الأخير المعنون "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ"، حيث قال: كان لى شقيقان وأربع من الأخوات، ومن ذلك نشأت كأننى وحيد أبويه، فكان إخوتى تركوا المنزل بعد أن تزوجوا، سواء منهم الرجال أو النساء، وبقيت وحدى. كنت أصغر الأبناء، ويبلغ فارق السن بينى وبين الأخ الذى يكبرنى حوالى 10 سنوات، ولم يكن مقيما معنا في المنزل، حيث التحق بالكلية الحربية، وبعد تخرجه أرسلوه إلى السودان وأمضى فيها عدة سنوات، وعندما عاد إلى مصر تزوج وترك البيت، وكان لى إخوة يقيمون في في أماكن متفرقة وبعيدة، ونظرا لهذه الظروف كانت والدتى تحيطنى برعاية كبيرة، وتصحبنى معها في كل مكان أو تذهب إليه، سواء في زيارتها للحسين والمتحف والأديرة، أو زياراتها لإخوتى المتزوجين، وكانت زيارتى إلى بيوت إخوتى لطيفة جدا، وأحيانا كانت أمى تتركنى أقيم بضعة أيام عند اخت لى متزوجة في حى الحسين.
ويتابع "محفوظ" وبالنسبة لشقيقاتى كان والدى يرسلهن إلى المدرسة، حتى إذ ما ظهرت على الواحدة منهن علامات الأنوثة يمنعها عن المدرسة، ويحدد إقامتها في البيت، وتكون حينئذ ملمة وبشئ من الصعوبة بالقراءة والكتابة، بل إن منهن واحدة نسيت القراءة والكتابة تماما بعد الزواج، استثنى من ذلك شقيقة واحدة تمكنت من تنمية قدراتها حتى أصبحت تقرأ الجرائد والمجلات بسهولة، وحاليا لم يبقى أحد من إخوتى، ماتوا جميعا، وآخرهم أختى أمينة التي توفيت في الثمانينات، ومن اسمها أخذت اسم أمينة بطلة (بين القصرين).