تحتفل مجلة الهلال العريقة بمرور 130 عامًا على تأسيسها، حيث تأسست عام 1892م، على يد الكاتب الكبير جورجى زيدان، وذلك بإصدار عدد تذكارى يضم بين صفحاته مقالات لرؤساء جمهورية مصر العربية، وكوكبة من أعلام الثقافة والإبداع والتاريخ والفلسفة، الذين قادوا معارك الفكر والتنوير طوال تاريخ مصر الحديث.
العدد 1555 سبتمبر 2022، يحمل عنوان "130 عامًا ولاتزال الهلال تكتب التاريخ"، فمن هنا من مجلة الهلال العريقة قرأ العالم العربى تاريخ مصر، وكانت المجلة صاحبة الإرث الثقافى الكبير شاهدًا على منجزات الوطن طوال فترة صدورها، كما كانت فاعلًا فى الحركة الثقافية المصرية، ومساهمًا وشريكًا فى المعارك الثقافية التى رسّخت للفن والأدب والإبداع ونشر التنوير، فلم تكن الهلال يومًا بمعزل عن الجماهير، وكانت نبض المواطن، وصوت الوطن، تتغنى صفحاتها بأمجاده، وتدعم فى أوقات الشدة والصعاب، وبين هذا وذاك، كان الأمل نُصب عينيها، إيمانًا منها برسالتها السامية، ويقينًا بأن الوطن باقِ وخيره أتٍ، وأن شمس نهاره لن تغيب.
فى العدد التذكارى من مجلة الهلال برئاسة تحرير الكاتب الصحفى خالد ناجح، وبرئاسة مجلس إدارة المهندس أحمد عمر، تزدان الصفحات بتوقيع أسماء ذات قيمة كبيرة، فبعد الصفحات الأولى التى تضم صورًا وإشارات لمقالات وكلمات قادة مصر العظام، تُطالعنا فاتحة الهلال التى تتناول دور وسياسة مجلة الهلال منذ أن أسسها صاحبها جورجى زيدان أول سبتمبر 1892م، فمنذ تأسيس المجلة ودورها وسيساتها "النقد البناء وبناء الوعى، ودعم المبدعين، واكتشاف المواهب، محددًا غايته الأولى وهى القاريء"، حيث زين جورجى زيدان صدر الصفحة الأولى من مجلة الهلال فى عددها الأول سبتمبر 1892م، الافتتاحية بقوله: "لا بد للمرء فى ما يشرع فيه من فاتحة يستهل بها وخطة يسير عليها وغاية يسعى إليها.. أما فاتحتنا فحمد الله على ما أسبغ من نعمة وأفاض من كرمه والتوسل إليه إن يُلهمنا الصواب وفصل الخطاب".
وتأتى كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى صدر مقالات العدد التذكارى، والتى يقول سيادته فى مطلعها: "إن المفكرين والكتاب يشكلون الضمير والوجدان فى مصر، ولهم دور خطير جدًا فى قيادة الرأى العام بمعاونة أجهزة الإعلام؛ ومختلف مؤسسات الدولة المعنية بالتعليم والثقافة".
يضم العدد مقالًا لرئيس الهيئة الوطنية للصحافة عبد الصادق الشربجى، والذى جاء بعنوان "الهلال.. 130 عامًا من صناعة القلم"، والذى أشار فى مطلعه أنه حينما يكتب عن مجلة الهلال، فهو يكتب عن جزء من تاريخ مصر. رئيس تحرير الهلال الكاتب الصحفى خالد ناجح، أصغر رئيس تحرير لمجلة الهلال العريقة منذ أن أسسها جورجى زيدان عام 1892، كتب مقالًا بعنوان "130 عامًا من التنوير.. الهلال والرئيس"، وصف خلاله مجلة الهلال بالزهرة التى بلغت من العمر 130 عامًا ولا يزال عبيرها منثورًا فى سماء صحافة الأدب والثقافة، كما يتناول رئيس التحرير فى مقاله علاقة رؤساء مصر منذ ثورة 1952 وحتى الآن بمجلة الهلال، حيث كان لها الحظ الوفير من اهتمامهم، مُعرّجًا على الدور التنويرى الذى لعبته مجلة الهلال فى محاربة قوى الظلام وأهل الشر، والجماعات المتطرفة، والمُخربين من أعداء الوطن فى الداخل والخارج.
كما أشار رئيس تحرير الهلال لدور ومكانة مجلة الهلال فى الجمهورية الجديدة التى أسسها الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد أن أزاح جماعة الإرهاب من الحكم ومعه شعب مصر العظيم.
ويضم العدد التذكارى أيضًا مقالات لرؤساء مصر، وبداية يأتى مقالًا بعنوان "الشباب يصنع المعجزات"، للرئيس الراحل محمد نجيب والذى نُشر فى مجلة الهلال فى عدد أبريل 1953، يليه مقال لزعيم الأمة العربية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعنوان "الطريق إلى المستقبل" نشر فى الهلال فى عدد يناير 1959، ثم يليه مقال للرئيس المنتصر الرئيس محمد أنو السادات، بعنوان "تبعاتنا الروحية بعد المعركة"، والذى نشر على صفحات مجلة الهلال عام 1957، وأخيرًا مقال الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك بعنوان "مفكر مستنير وروائى فذ"، والذى تحدث فيه عن أديب نوبل العظيم نجيب محفوظ بعد حصوله على الجائزة، ونشر المقال فى مجلة الهلال فى ديسمبر 2005.
العدد التذكارى يضم أيضًا مقالًا بقلم الملك فيصل الثانى بعنوان "الإسكندرية"، والذى نشر على صفحات الهلال فى سبتمبر 1947، وبعده تتوالى المقالات، حيث قدّم الكاتب الكبير حلمى النمنم وزير الثقافة الأسبق مقالًا بعنوان "بعد الحرب العالمية الثانية.. د محمود عزمى يطالب بالعدالة الاجتماعية.. يتحقق العدل الاجتماعى بالتكاتف بين الحكومة والجمعيات الأهلية"، يليه مقال الروائى الكبير يوسف القعيد بعنوان "حكايتى مع الهلال.. سجل الثقافة المعاصرة"، يليه مقال الناشر سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين بعنوان "هلال يضيء سماء المعرفة"، يليه مقال الكاتب الصحفى محمد الشافعى بعنوان "عدالة المؤرخ.. وإبداع الأديب". وتتوالى المقالات التى يُعد كل منها بمثابة شهادة للتاريخ فى حق الهلال الرائدة فى العمل الثقافى مصريًا وعربيًا.
لم يخلْ العدد التذكارى لمجلة الهلال من مقالات رواد العلم والثقافة، الذين قدموا أفكارًا مازالت تتدارس بين طلاب العلم حتى يومنا هذا، حيث يضم العدد مقالاً للإمام محمد عبده بعنوان "الأمل صنو الشباب"، ومقالًا للكاتب الكبير عباس محمود العقاد بعنوان "المستقبل بعد الحرب هل هو للشرق أو للغرب؟ ومقالا للدكتور عبدالرحمن بدورى، ومقالا لبنت الشاطيء، ومقالًا لعبدالرحمن الرافعى، وأحمد لطفى السيد باشا، وبرتراند راسل، والسيدة أم كلثوم، وأمينة السعيد، والدكتور ثروت عكاشة، وغيرهم وغيرهم الكثير والكثير من شموس ونجوم مصر الزاهرة، التى سطعت بنورها فأضاءت الدنيا فنًا وفكرًا وثقافة وإبداعًا، كل هذا وأكثر على صفحات العدد التذكارى لمجلة الهلال التى تحتفى بمرور 130 عامًا على تأسيسها، والتى نشأت كبيرة، وظللت كبيرة، بما قدمته من فن وإبداع وثقافة، ومشاركة مجتمعية ووعى بالقضايا الوطنية فكانت منذ نشأتها رائدة الصحافة الثقافية.