قالت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، إن توصيات المؤتمر العالمى للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة لعام 2022، وهو أكبر مؤتمر عالمى مخصص للثقافة عُقد خلال الأربعين عاما الماضية، تؤكد على أن الثقافة هى العمود الفقرى لتنمية الشعوب.
كانت اليونسكو قد اعتمدت بمشاركة 150 دولة بالإجماع إعلانا طموحا بشأن الثقافة، وجاء ذلك فى نهاية المؤتمر الذى دعت إليه اليونسكو ودارت أعماله على مدى ثلاثة أيام، فى نهاية سبتمبر الماضى، ويؤكد نص الإعلان على أن الثقافة هى "منفعة عامة عالمية"، واتفقت الدول على اتباع خريطة طريق مشتركة تعزز السياسات العامة فى هذا المجال.
وقالت المنظمة إن مؤتمر اليونسكو العالمى للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة لعام 2022 هو أكبر مؤتمر عالمى مخصص للثقافة عُقد خلال الأربعين عاما الماضية، حيث اجتمع فيه على مدار ثلاثة أيام فى مكسيكو 2600 مشارك. وقد لبت 150 دولة دعوة اليونسكو والمكسيك بإرسالها وفودا إلى المؤتمر، وكانت 135 دولة من بينها ممثلة بأعلى المستويات حيث حضر المؤتمر وزراء الثقافة لديها.
تؤدى الثقافة دورًا أساسيًا فى مجتمعاتنا، ويتمكن كل شخص عبر الثقافة من سبر أغوار ما يجمعه ببقية البشر وبناء شخصيته كمواطن حر ومستنير. والثقافة هى العمود الفقرى الذى يجمع بيننا لكى نشكل المجتمع، ولكن وعلى الرغم مما أُحرز من تقدم، لم تأخذ الثقافة بعد المكانة التى تستحقها فى السياسات العامة والتعاون الدولي. ويمثل المؤتمر العالمى للسياسات الثقافية لعام 2022 مؤشرا قويا لتصحيح هذا الوضع، فالإعلان المعتمد اليوم يلزم باتخاذ إجراءات.
جاء هذا الإعلان ثمرة مفاوضات متعددة الأطراف دامت لمدة ستة أشهر بقيادة اليونسكو، وأكدت الدول من خلاله وللمرة الأولى أن الثقافة "منفعة عامة عالمية"؛ وتدعو الدول فى هذا الصدد إلى إدراج الثقافة فى أهداف التنمية المستدامة المقبلة للأمم المتحدة لتكون "هدفا محددا قائما بذاته".
ويحدد النص الذى اعتمدته الدول مجموعة من الحقوق الثقافية التى ينبغى مراعاتها فى السياسات العامة، وهى تشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفنانين، وحرية التعبير الفني، وحقوق مجتمعات الشعوب الأصلية فى صون معارف الأسلاف ونقلها، وحماية التراث الثقافى والطبيعى وتعزيزه.
كذلك يدعو الإعلان إلى تنظيم القطاع الرقمى من أساسه، ولا سيما تنظيم المنصات الكبرى لصالح تحقيق التنوع الثقافى على الإنترنت، والملكية الفكرية للفنانين، وانتفاع الجميع بالمحتوى بطريقة منصفة.
تكثيف جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية
أبدت الحكومات فى الإعلان التزامها أيضا بتكثيف جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وتعزيز التعاون الدولى فى هذا الميدان، ووجهت نداء إلى الجهات الفاعلة فى سوق الأعمال الفنية مناشدة إياها ألا تطرح أية قطع مجهولة المصدر للبيع.
ينبع التركيز على الممتلكات "المجهولة المصدر" من دعوة إلى حماية المواقع الأثرية التى لا تزال قابعة فى براثن الخطر كونها غير مصنفة أو غير موثقة، وذلك فى خطوة لمنع أعمال التنقيب والنهب غير القانونية. ويوكل الإعلان إلى اليونسكو ولاية تزويد الدول بأطر معيارية تتيح تذليل هذه التحديات.
ومن نفس المنطلق، أعلنت المديرة العامة لليونسكو، أودرى أزولاي، أن اليونسكو والإنتربول ستنشئان متحفا افتراضيا للممتلكات الثقافية المسروقة. وتتمثل الغاية المنشودة من هذا المتحف فى توفير منبر تعليمى وتربوى يتيح للمواطنين التعرف على تاريخ هذه القطع، وكذلك أداة بحثية لتبديد الشكوك التى تساور الأشخاص بشأن مصدر هذه القطع وأصلها. ومن المزمع تدشين المتحف بحلول عام 2025.
تنظيم منتدى عالمى ثقافى كل أربعة أعوام
وتشمل مخرجات مؤتمر اليونسكو العالمى للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة أيضا إنشاء منتدى عالمى للسياسات الثقافية واستهلال أعماله اعتبارا من عام 2025، على أن تنظمه اليونسكو مرة كل أربع سنوات. وسوف تضطلع المنظمة بإعداد تقرير عالمى عن السياسات الثقافية من أجل إثراء حلقات نقاش المؤتمر.
الثقافة قوة محركة لتحقيق التنمية
تفيد بيانات لليونسكو بأن القطاع الثقافى والإبداعى من أقوى القوى المحركة لتحقيق التنمية فى العالم، إذ يوفر أكثر من 48 مليون وظيفة على مستوى العالم – تتبوأ النساء نصفها تقريبا - أى 6.2% من إجمالى الوظائف الحالية و3.1% من الناتج المحلى الإجمالى العالمي. وهو أيضا القطاع الذى يوظف أكبر عدد من الشباب دون سن الثلاثين، ويفتح الأفق أمامهم.