جابر عصفور.. كاتب ومفكر ووزير ثقافة سابق، رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 31 ديسمبر عام 2021، تاركا إرثًا فكريًا ودورًا تنويريا فى الحركة الثقافية المصرية، خاصة داخل المؤسسة الثقافية التى سبق وتولى حقيبتها.
فى يونيو الماضى، عقدت وزارة الثقافة مؤتمرا عنوانه "جابر عصفور.. الإنجاز والتنوير" تناول المشاركون فيه من رموز الثقافة المصرية والعربية دور "عصفور" الذى قدمه خلال مسيرته المهنية والفكرية للنهوض بالمؤسسة الثقافية المصرية.
كان من أبرز المتحدثين فى هذا المؤتمر، الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة الأسبق، والذى عمل لفترة من الزمن مع الدكتور جابر عصفور فى المجلس الأعلى للثقافة، وفى المؤتمر قال "أبو غازى" إن جابر عصفور يعد أحد البنائين العظام في تاريخ العمل المؤسسى في الثقافة المصرية.
عماد أبو غازى: المجلس الأعلى للثقافة كاد أن يموت لولا جابر عصفور
وقال عماد أبو غازى، لقد كنت شاهدا على جزء من هذه التجربة، فلقد أسس وأحيي مؤسسة وهى المجلس الأعلى للثقافة، الذي شهد مرحلة تحولات حينما تم تأسسيه، ثم تحول إلى مؤسسة شبه "ميتة" تكاد تتوقف على اجتماع سنوى.
وأوضح عماد أبو غازى، أن جابر عصفور عندما تولى أمانة المجلس الأعلى للثقافة، في عهد الفنان فاروق حسنى، الذي كان وزيرا للثقافة، تمكن جابر عصفور من إعادة المثقف المصرى والعربي بتنظيم العديد من المؤتمرات مثل التى عقدت عن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين على سبيل المثال.
وأشار عماد أبو غازى إلى أن جابر عصفور واجه تحديات مهمة في بداية مهمته، كان أبرزها مواجهة الجماعات الظلامية، وإحياء المؤسسات الثقافية وانتشالها من الخمول، فعمل على تفعيل لجان المجلس، ودفعه لكى يحتل مكانة على المستوى المحلى، ومن ثم العربي، ولكى يحقق هذه الأهداف كان عليه أن يعدل الكثير في البنية التحتية للمجلس، وهو ما نجح فيه بالفعل.
ثائر الديب: جابر عصفور كسر مركزية الثقافة الأمريكية
ومن أبرز المتحدثين فى المؤتمر أيضا كان المترجم السورى الدكتور ثائر ديب، الذى قال إن جابر عصفور، كان مدركا جيدا لخطورة الوقوع في أسر المركزية، ولهذا كسر مركزية الثقافة الأمريكية وهيمنتها، بالخروج منها والذهاب إلى لغات أخرى ما دامت تحقق هدفا من أهداف مشروعه الكبير.
كما أوضح ثائر ديب أن جابر عصفور يعد واحدا من الذين أسسوا نظاما تعمل من خلاله الترجمة، مثل رفاعة الطهطاوى، بالسعى وراء كل ما يثرى الإبداع الذاتى، لافتا إلى أنه كان يسعى دائما إلى التحرر من المركزية الأمريكية وأثرها على الترجمة، بالخروج من أسرها إلى بقية لغات العالم، وبذلك كسر ما كان يسميه دائرة الهيمنة، ومركزية الثقافة التى لا تعترف إلا بنفسها ولا تنظر إلى غيرها.
وقال أحمد درويش، إن جابر عصفور كان رجلاً من عامة الناس ينتمى من أبناء الفقراء، وتسلح بالوعى القومى والطموح والرغبة فى التغيير، إذ كانت لديه رغبة فى دفع الأمور للتغيير، فقدم العديد من المشروعات الثقافية الكبرى ومنها المشروع القومى للترجمة، واستطاع فى عصره أن يجعل القاهرة قبلة الثقافات العربية والثقافية، كما خلق زخما عظيما، ولعب دور "الحكيم" بجانب دوره التنويري والأدبي كناقد.