حكايات وأسرار كشفها المصرى القديم عبر حضارته العظيمة التى تبلغ آلاف السنين، وما زالت تبهر العالم حتى الآن، فبين الحين والآخر يتم حل لغز من ألغاز ذلك التاريخ الممتد على مدار قرون عدة، سجلت بعضها على جدران المعابد فى زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد، لكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
حكايتنا اليوم مع الملك تحتمس الثالث، الذى أصبح ملك مصر رسميًّا وهو لا يزال طفلًا لم يبلغ الحلم بعد، وقد نصبت "حتشبسوت" نفسها وصية عليه، غير أنها لم تلبث أن أعلنت نفسها ملكةً شرعية على البلاد كما فصلنا فيما سبق، وقد بقي "تحتمس الثالث" منزويًا بعيدًا عن الحكم إلى أن ماتت "حتشبسوت".
ولا نعلم إذا كانت هذه الملكة العظيمة قد ماتت حتف أنفها أو من جرَّاء ثورة قام بها حزب كان يناصر الفرعون الفتى، ليقضي على تلك المرأة التي كانت شوكةً في جنب والده وشجًا في حلقه، كما ذكر الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة، وعلى أية حال فإن "تحتمس الثالث" عندما اختفت هذه المرأة من مسرح الحياة المصرية، قبض على مقاليد الأمور وأخذ ينكل بأعدائه.
واستغل البعض من أمراء ممالك بلاد الشام فترة حكم حتشبسوت وانفصلوا عن الإمبراطورية المصرية وعقدوا تحالفات مع مملكة ميتانى القوية، وفى العام الثانى من حكمه المستقل عن حتشبسوت "حوالى العام 23 من حكمهما المشترك"، قام الملك الشجاع تحتمس الثالث ببدء حملاته العسكرية فى بلاد الشرق الأدنى القديم، ونعلم عن حملات هذا الملك الحربية من خلال حولياته التى قام بتسجيلها أحد قواده على جدران الكرنك، وتذكر الحوليات أن الملك انتصر فى كل بلد حارب فيه.
كانت الحملة العسكرية عبارة عن خطة رائعة وقوية الإحكام والتنفيذ، فنراه يزحف نحو غزة فى عشرة أيام ويحتل المدينة ويأخذ طريقه إلى مجدو التى تمردت على حكمه بقيادة أمير قادش، حسب ما ذكر كتاب الفراعنة المحاربون للدكتور حسين عبد البصير.
ولكن كانت هناك مشكلة فى اختيار الطريق المناسب الذى على القوات أن تسلكه إلى مجدو، فكان هناك طريقان معتادان غير أن تحتمس الثالث اختار الطريق غير المتوقع والضيق والأشد خطورة ووعورة حتى يحدث المفاجأة للعدو ويقضى عليه، وكان النصر العظيم حليف الفرعون المحارب تحتمس الثالث بعد أن حاصر المدينة لمدة سبعة أشهر.
الملك العظيم تحتمس الثالث لم يهزم فى أية معركة قام بها، كما أن إمبراطورتيه المترامية الأطراف استمرت بعد وفاته فى أسرته لفترة طويلة، بعد أن صعدت روحه إلى السماء بعد أن جلس على عرش الملك أربعة وخمسين حولًا كاملًا.