يحكى فيلم "رجال الآثار" الذى قام ببطولته جورج كلونى ومات ديمون قصة مجموعة من علماء الآثار الذين استطاعوا أن يهربوا تراث أوروبا من بين أيدى هتلر الذى كاد أن يحرقه وهو تقريبا ذات الأمر الذى يقدمه الكاتب "جوشوا هامر" فى كتابه "أمناء المكتبات السيئين" والذى تدور أحداثه فى مدينة تمبكتو فى مالى، التى تقع فى شمال غرب أفريقيا، بشكل لم يسبق له مثيل، فالكتاب بمثابة حساب ملهم لانتصار الفن والأدب على التطرف والإرهاب، والسعى الكامل لإنقاذ أهم المخطوطات الثمينة والنصوص القديمة فى العالم.
حيث بدأ "الكاتب" بحكاية قصة قصيرة يقول فيها، إنه فى عام 1980 سافر شاب مغامر يدعى عبد القادر حيدرة عبر الصحراء الكبرى على طول نهر النيجر، لكى يتعقب وينقذ عشرات الآلاف من المخطوطات الإسلامية والفكرية القديمة التى كان يحيط الغموض بمصيرها.
وأوضح الكاتب "هامر" أنه معظم أمناء المكتبات فى تمبكتو، لم يحبوا شخصية "حيدرة"، وقالوا بأنه رغم دماثة خلقه ومسئوليته عن الأرشيف وقدرته على حفظ تاريخ مدينة تمبكتو بمالى، إلا أنهم كانوا يرونه واحدا من أكثر مهربى المخطوطات التراثية فى العالم.
وتابع "هامر" أنه فى عام 2012، قام مقاتلو تنظيم القاعدة فى شمال غرب أفريقيا بحركات للسيطرة على معظم دولة مالى بما فى ذلك تمبكتو، وقاموا بمحاولة بفرض الشريعة الإسلامية، وصادروا آلاف المخطوطات التراثية فى العالم.
وأضاف "هامر" أن مقاتلى تنظيم القاعدة هددوا بتدمير هذه المخطوطات كبيرة، ومن هنا نظم "حيدرة" عملية خطيرة للتسلل لكافة وحدات تخزين المخطوطات وقام بـ جمع ما يقرب 350 ألف نص تراثى لإخراجها من جنوب مالى، والمخطوطات تغطى مجموعة واسعة من المواضيع منها العلوم والطب والتاريخ والفلسفة والأدب وأكثر من ذلك، هذا بالإضافة إلى استطلاعات التقنية الرياضيات وعلم الفلك والاستفسارات الأخلاقية الخطيرة فى العبودية والحكم الرشيد، بما فى ذلك النصوص القديمة، بما تحمله من ترجمات الفلاسفة اليونانيين تم نسخها، جنبا إلى جنب مع الأعمال جديدة.
ويضيف الكاتب أنه على مدى السنوات العشرين الماضية، زار مدينة "تمبكتو" مرات عديدة على نحو فريد لاستكمال حكاية قصة حيدرة البطولية المليئة بالجهد والنجاح وقدرته وتمكنه من خداع تنظيم القاعدة والحفاظ على تراث مالى الأدبى فى العالم.
ولم يغفل الكاتب "هامر" أن يجسد غرابة المكان ويحكى عن التاريخ، مؤكدا أنه يمثل قدر كبيرا من الانطلاق على ظهور الجمال أو فى قوارب صغيرة على طول نهر النيجر، فالكتاب يحمل جزء تاريخى يحمل فكرة، هذا بالإضافة إلى أنه بداخله مسلك سياسى يمثل نوع من الخروج والإثارة.
يؤكد الكاتب أن مالى موطن لحركة المقاومة الإسلامية المتنامية التى عاثت فسادا فى الصحراء الشاسعة فى شمال إفريقيا والتى اقتربت بشكل خطير من الاستيلاء على البلد بأكمله، موضحا أن كافة هذه الأمور كان بها تداعيات الخروج من الحرب على العراق، والانتفاضات فى بلاد العالم العربى ومنها ليبيا وسوريا.