فى اليومين السابقين أحدث نشر قصائد الشاعر الفلسطينيى الراحل محمود درويش، فى إذاعة الجيش الإسرائيلى، كثيرا من الضجة داخل تل أبييب، فبعد بث قصيدة "بطاقة هوية" والمعروفة شعبيا بـ"سجل أنا عربى" توالت ردود الفعل السياسية الحادة، ما دفع وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، إلى استدعاء المسئول عن الإذاعة، يارون ديكل، من أجل الاستجواب.
ولم تتمالك وزيرة الثقافة، ميرى ريجيف، نفسها، وهى المعروفة بمواقفها اليمينيّة المُتطرّفة ووجهت رسالة عاصفة اتهمت فيها إذاعة الجيش بأنها فقدت صوابها.
واقتبست ريجيف بعض الأبيات الشعرية من قصيدة "بطاقة هوية"، كى تثبت أن درويش يعارض أصل وجود دولة إسرائيل. ووصفت الوزيرة الإسرائيليّة إذاعة الجيش بأنّها انحرفت عن الطريق، مضيفةً أنّ المحطة الرسمية فى وزارة الأمن لا يمكنها السماح لنفسها بتعظيم وتمجيد الرواية المعادية لإسرائيل فى إطار برنامج إذاعى شُغل فى جوهره بنصوص إسرائيلية.
محمود درويش وإسرائيل
وتاريخ محمود درويش مع جيش الاحتلال الإسرائيلى ممتد وبه الكثير من الوجوه التى ربما تصبح مفهومة ومقبولة عند وضعها فى سياقها التاريخى، ومن ذلك:
خاض محمود درويش السياسة بانضمامه لحزب "راكاح"، وهو أحد أجنحة الحزب الشيوعى الإسرائيلى الذى انشق عام 1965.
فى عام 1995 كشف الشاعر الراحل، لأول مرة، عن أنه أحب فى شبابه فتاة يهودية إسرائيلية، من أب بولندى وأم روسية، من دون أن يكشف عن شخصيتها الحقيقية.
وبعد ذلك بعامين ألحّت عليه الكاتبة والصحافية الفرنسية لور إدلر، فى مقابلة تليفزيونية، لكى يبوح بحقيقة "ريتا"، التى كتب عنها قصائد "ريتا والبندقية"، و"شتاء ريتا الطويل" ، فأجاب: "لا أعرف امرأة بهذا الإسم، فهو إسم فني، ولكنه ليس خالياً من ملامح إنسانية محددة. وإذا كان يريحك أن أعترف أن هذه المرأة موجودة، فهى موجودة أو كانت موجودة، تلك كانت قصة حقيقية محفورة عميقاً فى جسدي".
وظلت هوية الفتاة اليهودية ريتا، التى أحبها درويش سراً مجهولاً، حتى كشف عنها الفيلم الوثائقى "سجّل أنا عربي"، للمخرجة والمصورة ابتسام مراعنة، الذى عرض العام الماضى فى مهرجان تل أبيب، "دوكو أفيف" للأفلام الوثائقية، وفاز بجائزة الجمهور.
ويعتبر درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، ويطلق عليه لقب "شاعر المقاومة"، وقد أسهم فى تطوير الشعر العربى من خلال مزجه بين الحب والوطنية. كما صاغ وثيقة الاستقلال الوطنى الفلسطينى التى أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988 فى الجزائر.