تمر، اليوم، ذكرى رحيل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حسب التوقيت الميلادى، فقد توفى فى 8 يونيو من سنة 632 ميلادية، فكيف استقبل المسلمون هذا الحدث؟
يذكر ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية": قال الإمام أحمد: حدثنا بهز، ثنا حماد بن سلمة، أنبأنا أبو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس قال: ذهبت أنا وصاحب لي إلى عائشة فاستأذنا عليها، فألقت لنا وسادة، وجذبت إليها الحجاب.
فقال صاحبي: يا أم المؤمنين، ما تقولين في العراك؟
قالت: وما العراك؟
فضربت منكب صاحبي.
قالت: مه، آذيت أخاك ثم قالت: ما العراك: المحيض!قولوا: ما قال الله عز وجل في المحيض ثم قالت: كان رسول الله ﷺ يتوشحني وينال من رأسي، وبيني وبينه ثوب وأنا حائض ثم قالت: كان رسول الله ﷺ إذا مر ببابي مما يلقي الكلمة ينفعني الله بها، فمر ذات يوم فلم يقل شيئا، ثم مر فلم يقل شيئا، مرتين أو ثلاثا فقلت: يا جارية ضعي لي وسادة على الباب، وعصبت رأسي فمر بي فقال: «يا عائشة ما شأنك؟»
فقلت: أشتكي رأسي.
فقال: أنا وارأساه، فذهب فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء، فدخل علي وبعث إلى النساء فقال: «إني قد اشتكيت، وإني لا أستطيع أن أدور بينكن، فإذن لي فلأكن عند عائشة، فكنت أمرضه ولم أمرض أحدا قبله، فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي، فظننت أنه يريد من رأسي حاجة، فخرجت من فيه نقطة باردة، فوقعت على نقرة نحري فاقشعر لها جلدي، فظننت أنه غشي عليه، فسجيته ثوبا، فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا، فأذنت لهما، وجذبت إلي الحجاب، فنظر عمر إليه فقال: واغشياه، ما أشد غشي رسول الله ﷺ ثم قاما فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر مات رسول الله ﷺ.
فقلت: كذبت بل أنت رجل تحوسك فتنة، إن رسول الله ﷺ لا يموت حتى يفني الله المنافقين.
قالت: ثم جاء أبو بكر، فرفعت الحجاب، فنظر إليه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله ﷺ ثم أتاه من قبل رأسه فحدرناه، فقبل جبهته ثم قال: وانبياه، ثم رفع رأسه فحدرناه، وقبل جبهته، ثم قال: واصفياه، ثم رفع رأسه وحدرناه، وقبل جبهته وقال: واخليلاه، مات رسول الله ﷺ وخرج إلى المسجد، وعمر يخطب الناس، ويتكلم ويقول: إن رسول الله لا يموت حتى يفني الله المنافقين.
فتكلم أبو بكر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الله يقول: { إنك ميت وإنهم ميتون } [الزمر: 30] . حتى فرغ من الآية { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه } [آل عمران: 144] حتى فرغ من الآية، ثم قال: فمن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات.