برع المصرى القديم منذ عصر ما قبل الأسرات فى صناعة الفخار لتوفير احتياجاته اللازمة لإعداد الطعام وحفظ السوائل والحبوب والغلال من التلف والضياع، وكذلك صنع منه وسائل الإضاءة الخاصة به والتى كانت تعرف فى ذلك الوقت باسم "المسارج".
وقد زينت بعض المسارج بالكتابات ورموز الحماية أيضاً، على حين جاءت بعض المسارج خالية من الزخارف وكانت لأغراض الإضاءة عن كونها شكلا جماليا، ومن الناحية الأثرية فقد كان يعثر على الجزء الأكبر من المسارج بأماكن المعيشة كالقصور والمساكن وغيرها، على حين عثر على البعض منها بالمقابر.
وتعتبر مسارج الزيت المصنوعة من الطمى أو الفخار، والتى تعرض بعضها فى المتحف المصرى بالتحرير، من أكثر وسائل الإضاءة شيوعاً خاصة فى العصرين اليوناني والروماني، حيث كان هذا النوع من المصابيح زهيد الثمن ويسهل صنعه باستخدام القالب المزدوج، وقد شكلت بعض هذه المسارج بقدر رفيع من الدقة والجمال.
وقد ساعد المصرى القديم فى صناعة المسارج، توافر الطمي على ضفاف النيل فتشابهت المسارج فى أشكالها في كل من العصر القبطي والمصري القديم والروماني، وامتدت صناعتها حتى العصر الإسلامي، لكنها اختلفت من حيث الزخارف فكانت فى العصر اليونانى الرومانى تزين سطوحها بصورة بارزة تمثل أشكالاً آدمية وآلهة وأساطير، في حين كانت تُزخرف ببعض الرموز والعلامات التي ترمز للدين المسيحي مثل رسوم الصلبان وأوراق وعناقيد العنب، بالإضافة إلى رسوم الحيوانات والطيور فى العصر القبطى، وكانت تتم صناعتها بواسطة الرهبان في الورش الفنية الملحقة بالكنائس والأديرة وتضاء بواسطة الزيت والفتيل الذي يوضع في فتحة مخصصة لذلك، وفي بعض الأحيان قد تصل إلى سبع فتحات، ويحتفظ المتحف القبطي بالكثير من روائع تلك المسارج.