ذات يوم: فاروق يسلم على خمسة آلاف شخص ويتجول ليلاً ابتهاجاً بتنصيبه ملكاً

قصد مصطفى النحاس باشا، رئيس الحكومة، وزعيم حزب الوفد إلى القصر الملكى، قبل الموعد المحدد لتحرك موكب الملك فاروق إلى مجلس النواب فى مثل هذا اليوم «29 يوليو 1937».

اصطحب «النحاس» الملك، وفى مذكراته «ربع قرن من السياسة فى مصر» تحقيق وإعداد «أحمد عز الدين» عن «دار العصور الجديدة - القاهرة» يقول: ركبت ومررنا فى الطريق المرسوم، وكانت جموع الشعب تهتف: «يحيا الملك مع النحاس»، و«يحيا الملك مع الوفد»، وفيما تؤكد الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها: «فاروق وسقوط الملكية فى مصر» عن «مكتبة مدبولى - القاهرة» على أن جموع الشعب أحاطت بالملك من كل مكان تهتف بحياته دون تصنع أو مجاملة، كما شهد بذلك المعاصرون لهذا الحدث، يذكر النحاس أنه رأى الامتعاض باديًا على وجه الملك من هتافات: «يحيا الملك مع النحاس» و«يحيا الملك مع الوفد»، ويضيف: «لما وصلنا إلى البرلمان انتهزت الفرصة وأرسلت للجماهير المحتشدة فى الخارج أن تهتف للملك وحده، وحسبها ما أظهرته من شعور نحو الوفد ورئيسه».

يؤكد النحاس، أنه استقبل قبل الاحتفال كلا من رئيس مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وعرضا عليه برنامج الاحتفال بتولى سلطته الدستورية والكلمات، التى ستلقى بهذه المناسبة فاقترح أن يكتفى بكلمة رئيس الشيوخ باعتباره رئيس المؤتمر، وأن يقدم الملك بعد ذلك لحلف اليمين التى نص عليها الدستور، ثم يهتف بحياة مصر ثلاثًا وحياة الملك ثلاثا وينتهى الاحتفال عند هذا الحد، وتصف لطيفة سالم مشهد «التنصيب» قائلة: «دخل فاروق البرلمان وجلس على كرسى العرش، وأمسك بيده اليسرى الصولجان، بينما وضع يده اليمنى على القرآن الكريم، وأقسم على احترام الدستور وقوانين الأمة والمحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».

تؤكد «سالم» أن صيغة القسم أعطت لـ«الوفد» اعتزازًا بنفسه»، إذ غمره إحساس الانتصار وتحقق ما سعى إليه، وهو أن يستمد الملك السلطة من البرلمان، خاصة أنه يصطبغ بالصبغة الوفدية، ووجه الملك كلماته إلى شعبه، وبدا فى صورة المنقذ والمخلص المنتظر، ووعده وعاهده على خدمته، وأراد أن يمس عواطفه، فأعرب عن أنه كان يود أن يصافح كل فرد منه ليعبر له عن حبه، ثم تمكن وبذكاء من أن يشير إلى أن إرادة الله ألقت على عاتقه فى هذه السن المبكرة عبء تبعات الملك والاضطلاع بالمسؤولية.

ويذكر السفير البريطانى فى مصر لامبسون أن فاروقا صافح بيده ما يزيد على خمسة آلاف شخص، وانعكست أهمية المناسبة وما جرى فيها على نفسية فاروق، مما جعله يخرج بمفرده فى مساء يوم التولية ويستقل سيارته ويطوف بالشوارع ليشهد ليل القاهرة وهى تحتفل به، وطبقًا لما تذكره «لطيفة سالم»، فإنه «لابد أن يوضع فى الاعتبار تلك الترتيبات التى أعدها رجال القصر للحصول على الشعبية المتوهجة».

انعقد احتفال التنصيب بعد فتوى تنص على: «عمر الملك المسلم إنما يحسب بالسنين الهجرية، وأنه بهذا الحساب فإن جلالة الملك المعظم (فاروق)، حفظه الله، بلغ سن الرشد فى يوليو 1937»، وبهذه الفتوى الصادرة من الشيخ محمد مصطفى المراغى، شيخ الأزهر، بطلب من الملكة نازلى، أضيفت عدة شهور هجرية على سن فاروق ليصل إلى 18 عامًا «مواليد 11 فبراير 1920»، ولم تعارض الحكومة الوفدية هذه الفتوى، وطبقًا لـ«النحاس» فى مذكراته: «خاطبنى الأمير محمد على (رئيس مجلس الوصاية على العرش) فى الفتوى بشأن بلوغ الملك سلطته الدستورية، وقال: إن هذا أمر خطير، وأن فاروق طفل لم ينضج، ولم يتعلم، ومن رأيى أن نرفع سن الرشد إلى 21 ميلادية، وذلك لمصلحة البلاد، ولكنى أجبته بأن هذا أمر نفذ ولا أريد أن أصدم هذا الشاب فى مستهل حياته، حتى لا تحدث بيننا خلافات فى الرأى».

عاد «النحاس باشا» إلى القصر الملكى، وعندما استأذن فى الانصراف أشار الملك إلى أنه يريده، وقال لى: «وقعت مرسومًا ملكيًا بتعيين على ماهر باشا رئيسًا للديوان الملكى، ويهمنى أن تتعاونا فقلت: إن شاء الله، وخرجت وأنا أحدث نفسى بأن هذا أول الغيث، وفى المساء أرسلت استقالة الوزارة إلى القصر طبقًا للتقاليد الدستورية».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;