إلى سيدة الشاشة العربية
مُكللةً بالقَوَامِ البَسيطِ
وبالرِّقَةِ المُشْتَهاةِ
تَنَزْلَتِ فِينَا
لتنهضَ أرواحُنَا ثَانيًا
من حَوانِيتَ مَطْمُورةٍ
وتَشْتعِلُ الرَغَبَاتُ
وتُصْغِى الحَواسُ لنَبْضَكِ
نَطْرَحُ فى النَهْرِ أجْسَادَنَا
ونُزيلُ الطِمَاءَ عَن الأعْينِ الحَجَريةِ
نَمسحُ ما تركَ الرَمْلُ مِن أَثرٍ فى المَسَامِ
ونُخْفِى عَلاماتِ مَا مَرَّ مِن زَمَنٍ وخُطُوبٍ
ونَحنُ ذُكُورُ القَطيعِ
أصَابهمُ الغَزو والدَفْعُ والانكِسارُ
وأدْمَتْ قُرونَهمُ الصَخْرُ
أشقتَ وجُوهَهم الرِيحُ
أظمأَهم نَهَرٌ لا سَبيلَ إليه
وهَاجَمهم عَابرون
وهَاجَتْ عليهم ضَوارٍ
وأوْجَعهم قَمرٌ
وَدَّ لو كَانَ يُرْجِعَهم صِبيةً
غَيرَ أنَهمُ
ذَاتَ ليلٍ نَسوا
عِندَ مُنحدرٍ وتِلالٍ عَواطفَهم
فأغَارتْ عليها الهَوامُ
وضَلُّوا
ولم يدركُوا أن وقتًا يَمرُّ
وأن حبيباتِهم يَنتظرن
ويُرخينَ أسْتَارَهُنَّ
ويَحْفَظنَ أعضاءهن
بكاملِ زينتها
ربما يَرْجِعون غدا
وها أنتِ تَبْتَعثينَ قُلوبَهمُ
ثم تُبقيِنَها فى المَهَادِ
ليفتِنَها وجْهُك السَهْلُ
والدَرجَاتُ التى تبسطين
وتُؤنُسَها وِحْدَةٌ تَتَبدى بعينيك
حُزنا وفَرْحَا
وتُثْمِلُها الأحرفُ الحانياتُ
التى تتثاءبُ مثلَ الفَراشِ
فنحنُ أَسَارَى الغَرامِ
استبدَ بنا الشَوقُ
عَذْبنَا الانتظارُ
وحَانتْ مَواعِيدُنا
فامنَحِينا الطَرِيقةُ
حتى نُمِيَلَ قُلوبًا هَجَرن
وفَاكهةً لم نَنَلْ مُنذُ حِينٍ
نَشُدُّ وَصَاياكِ حَولَ صُدُورٍ مُهَشَّمَةٍ :
"لا تُغفلوا الوَرْدَ والعِطْرَ
لا تَزْدَهُوا كالطَواويسِ
أو تَصْغُرُوا كاليَرَابيعِ
لا تَصْرُخُوا بالغَرامِ
ولا تَكْتُمُوه
ولا تَكتفُوا بالذى فى اليَدَينِ
ولا تَخْسَرُوه
ولا تَفْرَحُوا بالقَليلِ مِنَ الحُبِّ
أو تَفْقِدُوه
ولا تَتْرُكُوا شَفَتَينِ مُعَذَّبَتينِ
ولا تَنْهَشُوهَا كَفعلِ الذِئَابِ الجَرِيحَةِ
مُرُّوا كَسربِ عَصَافيرَ
فَوقَ نُهُودٍ مُشَوَّقَةٍ
واستَبِيحُوا حِمَاهُنَّ بالقُبلاتِ
دَعُوهُنَّ يَرْقُدْنَ مِثلَ الغَزَالَاتِ
لا تَسْبِقُوهَا
ولا تَلْحَقُوها
وكُونُوا لِبَاسًا لَهُنَّ
وهُنَّ لِباسًا لَكمْ
واذكُرُونى كَثِيرا"..