أصدرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، اليوم، الخميس، بياناً بشأن اليوم العالمى للفلسفة، أكدت فيه على أن الفلسفة تعد اليوم نشاطاً يساعد المرء على أن يحيا حياة أفضل بطريقة تتسم بقدر أكبر من الإنسانية.
وجاء فى رسالة المديرة العامة لـ"اليونسكو":
نحتفل باليوم العالمى للفلسفة لهذا العام غداة الاحتفال باليوم الدولى للتسامح. وإنها لصدفةٌ ذات مغزى مهم للغاية نظراً لمدى ترابط التسامح والفلسفة، إذ تقوم الفلسفة على احترام ومراعاة وتفهم تنوع الآراء والأفكار والثقافات التى تثري كينونة الإنسان فى هذا العالم.
وتندرج الفلسفة فى عداد سبل العيش معاً فى ظل احترام الحقوق والقيم المشتركة، شأنها فى ذلك شأن التسامح. والفلسفة وسيلة تتيح للمرء رؤية العالم بعين ناقدة تراعى آراء الآخرين وتستنير وتزداد قوة بفضل حرية الفكر والرأى والوجدان والعقيدة.
وتبّين كل هذه الأسباب أن الفلسفة ليست مجرد تخصص أكاديمى أو جامعى بل هى أكثر من ذلك بكثير، إذ تُعد الفلسفة نشاطاً يومياً يساعد المرء على أن يحيا حياة أفضل بطريقة تتسم بقدر أكبر من الإنسانية.
ويتعلم الإنسان التساؤل الفلسفى منذ نعومة أظفاره، ويعمل على إتقانه رويداً رويداً باعتباره وسيلة أساسية لإنعاش النقاش العام وإدارته والدفاع عن الإنسانية التى تعانى معاناة شديدة من جّراء ما يشهده العالم من العنف والتوترات.
فلا تقدم الفلسفة حلولاً جاهزة للإنسان، بل تتيح له التف ّكر الأبدى فى قضايا العالم وخفاياه والسعى المتواصل إلى سبر أغواره والتأقلم مع تغيراته. ويُعد التسامح، فى هذا السبيل، فضيلة أخلاقية ووسيلة عملية للحوار فى آن معاً.
ولا يعنى التسامح بأى حال من الأحوال النسبية الساذجة التى يّدعى أصحا ا أنكل الأشياء متساوية، بل يعنى التزامكل فرد باحترام رأى الآخر وتمكينه من التعبير عنه التزاماً راسخاً يقوم على تعهد ثابت بالدفاع عن المبادئ العالمية للكرامة والحرية. وتحيى اليونسكو فى هذه السنة ذكرى فيلسوفين بارزين ساهما مساهمة جليلة فى الارتقاء بالميتافيزيقيا.
والعلوم، وكذلك بعلم المنطق وعلم الأخلاق، وهما أرسطو ولايبنتس اللذين كان كلاهما يضع الفلسفة فى صميم الحياة العامة باعتبارها ركناً أساسياً لحياة كريمة ملؤها الحرية على الرغم من القرون العديدة الفاصلة بينهما، وعلى الرغم من اختلاف ظروفهما الثقافية اختلافاً كبيراً.
وينبغى لنا الآن إحياء هذه الروح، والإقدام على إتاحة الفرص للحوار القائم على حرية الفكر والانفتاح والتسامح. وسيتيح لنا هذا الحوار تعزيز التعاون بين المواطنين والدول بوصفه أساساً راسخاً لا يتزعزع للسلام الدائم.