أصدر الباحث السياسي والإعلامي خالد الأصور كتابه العاشر "نساء على قمة السلطة في العالم المعاصر.. الصعود والصراع وتقييم الأداء السياسي" في 500 صفحة من القطع الكبير عن دار النخبة للنشر والتوزيع بالقاهرة (2017).
الكتاب الموسوعي يعني بنساء السلطة ممن هن في واجهة الأحداث وفى الصدارة الأولى خاصة رئيسات الجمهوريات ورئيسات الحكومات، باستثناء الدول التي يعد هذا المنصب في نظامها السياسي شرفيا وفخريا إلى حد كبير، وهي الأنظمة البرلمانية ، ومثال ذلك الهند التي تولت منصب رئاسة الجمهورية فيها السيدة "براتيبها باتيل" عام 2007، فهي ليست ضمن محور اهتمام هذا الكتاب، لكون منصبها غير تنفيذي، فيما يدخل في اهتمامه مواطنتها رئيسة الوزراء الراحلة انديرا غاندي، التي ترأست الحكومة الهندية عام 1966، باعتبار أن صاحب هذا المنصب فى الهند هو من يمسك بأطراف السلطة الحقيقية في البلاد بموجب الدستور الذي يعتمد النظام البرلماني في الحكم.
الموسوعة لم تتناول حصريا (كل) النساء المعاصرات اللواتي تولين السلطة وفق هذا المفهوم ـ باعتباره جهدا ينوء بعدد صفحاته كتاب واحد ـ لذا يعتزم الباحث بحول الله تعالى إصدار أجزاء أخرى من الموسوعة تتناول بقية النساء الحاكمات قديما وحديثا، ومع ذلك فقد شمل هذا الجزء من الموسوعة (جل) النساء المعاصرات الحاكمات، وأبرزهن وأكثرهن حضورا وتأثيرا في ذاكرة السياسة الدولية، وهن 26 شخصية ، موزعة بين آسيا (12 شخصية)، وأوروبا (6 شخصيات)، والأمريكتين (8 شخصيات).
وقد استهل الباحث تناول كل شخصية بإرفاق تعريف موجز مركز يتضمن المعلومات الأساسية لكل دولة تولت رئاستها أو رئاسة حكومتها امرأة، عرضت لها هذه الموسوعة، من حيث تأسيسها وموقعها ومساحتها ولغتها الرسمية واللغات الأخرى وعاصمتها وعدد سكانها والديانات السائدة فيها ونظامها السياسي برلمانيا كان أو رئاسيا، ليكون القارىء على اطلاع بحجم الدولة وتاريخها ونظامها، مع إثبات صورتين شخصيتين للمرأة الحاكمة.
وتتألف الموسوعة، من مقدمة ترصد الجذور القديمة لظاهرة حكم النساء، وتفسيرها الاجتماعي وتطورها، وتحدد أوجه الشبه والمقارنات بين التجارب النسائية في السلطة، ورحلة صعودهن إليها، مع اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية بين دولهن والقارات التي تنتمى إليها، ويلى المقدمة فصل تمهيدي "المرأة .. ونصف قرن من الصعود السياسي" يستعرض العلاقة الأزلية بين المرأة والسلطة، وسعى المرأة الحثيث على مدى قرون للوثوب إلى كرسي الحكم، الذى ظفرت به في استثناءات نادرة على مر التاريخ، حتى كانت على موعد مع النصف الثاني من القرن العشرين الذى شهد ظاهرة فوزهن بتاج السلطة في بلدان كثيرة، وتحديد العوامل التي ساهمت في خلق الأجواء الملائمة لذلك.
ثم يدلف الباحث إلى أبواب الموسوعة الثلاثة، لاستعراض التجارب النسائية في الحكم، من خلال عدة محاور رئيسة، التزم بها واستفاض فيها أو أوجز، حسب أهمية السيدة الحاكمة ، التي تنبع أحيانا من أهمية الدولة الى ترأستها، وطول أو قصر فترة حكمها، وما لابسها من أحداث، وتبدأ هذه المحاور بالنشأة الأولى لرئيسة المستقبل، وثقافتها وتعليمها، ومحيطها الأسرى والاجتماعي، والظروف السياسية السائدة.. وأثر ذلك كله في صياغة شخصيتها، وتوضيح ما تتميز به هذه الشخصية من سمات، سواء كانت من عوامل نجاحها أو إخفاقها في ممارسة دورها على المسرح السياسي لاحقا.
ثم يأتي محور تتبٌّع رحلة الصعود السياسي للنساء الحاكمات، والعناصر الدافعة والمحفزة لهذا الصعود، وكذلك المعوقات، ودور العنصر العائلي، والأوضاع السياسية المحيطة، والأحزاب والحركات السياسية الداعمة أو المناوئة، وما يجره ذلك من توتر واحتقان يصل أحيانا مع بعض النساء الحاكمات إلى درجة العداء، بل والاغتيال، فالسلطة لها إغراء لا يقاوم، ومن جربها لا يستطيع العيش بعيدا عنها، فإن لم يصل إليها أفنى الباقي من حياته ساعيا إليها، وذلك ما ينطبق على كثير من التجارب النسائية في الحكم، والتي آل الكثير منها إلى دموع ودماء وأشلاء، إثر تدبير اغتيالات ومحاولات اغتيالات عديدة، سواء لهن أو لذويهن وأنصارهن، يعرض لها الكتاب فى سياق الصراع على السلطة.