كشف الباحث الأثرى، سامح الزهار، المتخصص فى الآثار الاسلامية والقبطية، أن سرقة مجموعة من الزخارف الخشبية المعمارية صغيرة الحجم بجانب الباب الخشبى لمقصورة السلطان الكامل الأيوبى الموجودة داخل قبة الإمام الشافعى بالقرافة الصغرى، كما أعلنت وزارة الآثار أمس، تأتى استكمالا لسلسلة السرقات الممنهجة التى تستهدف اغتيال التراث الإسلامى المصرى.
وأوضح الزهار - فى تصريح اليوم - أنها ليست المرة الأولى التى تتعرض لها قبة الإمام الشافعى إلى السرقة و انتهاك حرمة المكان الأثرية والتاريخية بل والدينية ، ففى عام 2009 تمت سرقة عدد من الحشوات الخشبية، وفى نهاية عام 2014 تم كذلك سرقة عدد من الحشوات الأثرية التى قدرت بخمس حشوات.
وكشف الزهار، عن سرقة قبة الإمام الشافعى منذ أكثر من 500 عام، حيث كانت تلك القبة مقصداً للصوص و السارقين قديماً والباحثين عن الثراء السريع مثل ما يحدث الآن، فذكر المؤرخ "ابن إياس" إن عددا من عسكر الدولة العثمانية قاموا بمهاجمة المقام عام 923 من الهجرة، وسرقوا ما فيه من البسط والقناديل بحجة البحث عن بقايا المماليك البرجية و لكن السرقة كانت هدفهم ومقصدهم.
وعن الأهمية التاريخية لتلك القبة ،أكد الأثرى سامح الزهار إن تلك القبة الضريحية للإمام الشافعى هى إحدى ملحقات مسجد الإمام الشافعى فى شرق القاهرة و تحتوى على أضرحة الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وضريح شمسة زوجة صلاح الدين الأيوبي، وضريح الملك الكامل بن العادل ووالدته، ومقابر أولاد ابن الحكم وعدد من أئمة المذهب الشافعى.
وأضاف أن المقصورة كانت فى الأصل حول قبر الإمام الشافعى إلى أن تم استبدالها بمقصورة أخرى وضعتها لجنة حفظ الآثار العربية فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى، وتم وضع المقصورة القديمة فوق قبر السلطان الكامل بالقبة، وهى تتكون من أربعة جوانب من الخشب المطعم بالصدف، و تقسم إلى ثلاثة أقسام أفقية بحيث يكون الجزء السفلى عبارة عن حشوات مستطيلة بها زخارف هندسية مطعمة بالصدف، والجزء الأوسط و العلوى عبارة عن قوائم خشبية مطعمة بالصدف ، ويعلو المقصورة عرائس على شل أوراق نباتية ثلاثية .
ولفت إلى أنه يوجد فى الضلع الشمالى الغربى من المقصورة بابها الذى يتألف من ضلفتين يعلوهما عقد نصف دائرى وبه 6 حشوات كتابية مطعمة بالصدف بها أبيات من الشعر تقول (إن للإمام الشافعى محمدا .. سلطان مصر له جل مقام .. ناهيك من ورد الحديث عجائب .. العالم القرشى والإسلام.. بالعلم قد ملأ الطباق فأرخت .. لمحمد للناس خير إمــام 1185هـ )، كما دون أسفلها ( تجدد فى عهد خديو مصر عباس حلمى الثانى سنة 1309هـ).
وأشار إلى أن " عبد الرحمن الجبرتى " فى كتابه (عجائب الآثار فى التراجم والأخبار) ذكر أن على بك الكبير قام بتجديد القبة وأزال ما عليها من الرصاص القديم من وقت الملك الكامل، ويذكر نصاُ ( ثم جعلوا عليه صفائح الرّصاص المسبوك الجديد المثبت بالمسامير العظيمة) ، كما ذكر المقريزى فى الجزء الثانى من كتابه (المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الآثار) المعروف بخطط المقريزى ويتفق معه ابن تغرى بردى فى كتابه (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة) وابن إياس فى كتابه (بدائع الزهور فى وقائع الدهور) أنه يوجد بالضريح إلى جوار مرقد الإمام الشافعى تابوت من الخشب فوق قبر أم الملك الكامل، وهو لا يقل فى أهميته عن تابوت الشافعى قد زخرفت جوانبه بحشوات بها زخارف نباتية تتوسطها حشوات نجمية وعند رأس التابوت من الناحية الجنوبية كتابة بخط النسخ الأيوبى تسجل وفاتها قبل الفجر من الليلة التى صبحها يوم الأحد الخامس والعشرين من صفر سنة 608 وهذا التاريخ الهجرى يقابل سنة 1211م وهو (تاريخ بناء القبة الضريحية).
ولفت الباحث الأثرى إلى أن هناك عددا من السرقات التى شهدتها الآثار الإسلامية خلال السنوات الأخيرة، وكان آخرها سرقة مشكاوات مسجد الرفاعى إلا أنها بفضل الجهود المكثفة للشرطة و النيابة العامة قد تم استعادتها ، ولكن من قبل ذلك فقد فقدنا الكثير و الكثير وعلى سبيل المثال لا الحصر سرقة "النص التأسيسى" من المنبر الخشبى لمسجد "تمراز الأحمدى"، وسرقة النص التأسيسى لإيوان السادات الثعالبة التابع لمنطقة الإمام الشافعى، وسرقة الحشوات المكفتة بالفضة من باب مسجد السلطان برقوق بشارع المعز.
وأضاف أنه تم كذلك سرقة أجزاء من الباب الخشبى لمسجد الأشرف برسباى الأثرى بمنطقة الجمالية، وسرقة حشوات منبر مسجد السلطان الأشرف قايتباى بصحراء المماليك و سرقة حشوات جانبى منبر مسجد الطنبغا المارداني، وسرقة بعض حشوات منبر مسجد أبو حريبة، وسرقة العديد من حشوات مسجد المؤيد شيخ والتى تكررت حوالى ثلاثة مرات، وسرقة حشوات بابى الروضة من منبر مسجد أزبك اليوسفي، واختفاء منبر مسجد قانيباى الرماح، وسرقة حشوات وزخارف الأطباق النجمية المكونة للمنبر وكرسى المصحف من مسجد جانم البهلوان بالمغربلين بمنطقة الدرب الأحمر.