"لا يوجد على الأرض بين الناس ملائكة، لكن منهم من يحملون قلوباً ملائكية فى أجساد بشر، مثل هؤلاء ليس بوسعهم أن يؤذوا أو يضروا أحداً، لكن إذا حكمت عليهم الأقدار، أن يصارعوا الشياطين بأيديهم، فلن يسعهم إلا أن يواجهوا الشر بالشر، ويدافعوا عن الخير بالخير"، هكذا توجه رواية رحمة للكاتبة ميسون سرور والصادرة عن دار سما للنشر والتوزيع، تحمل صراعا حقيقيا قدمته على نحو جرىء مثير للجدل.
وتتميز الرواية بطابع بوليسى تشويقى ممزوج بدراما اجتماعية وحالة من الرومانسية الساحرة بين أبطال الرواية، وتجمع بين قوة الأسلوب فى التشويق والربط بين الشخصيات والأحداث وتصعيدها فى إيقاع سريع دون تطويل أو ملل بالإضافة إلى قوة الحوار وسلاسة اللغة دون ابتذال أو الفاظ خارجة.
و"رحمة" اسم بطلة الرواية التى تعمل فى قطاع حقوق الإنسان، وعلى الرغم من ذلك ترى أن بعض المجرمين لا يستحقون الرحمة ولا أى حق من حقوق الإنسان، والرواية تجسد الصراع بين تحقيق العدالة وتنفيذ القانون، وهى رواية خيالية مبنية على جرائم حقيقية حدثت فى الواقع لكن مع اختلاف أصحابها والزمان والمكان، وتعكس صور للكثير من مجتمعنا واختلاف آرائنا وتسلط الضوء على جرائم خطرة تفشت فى مجتمعنا فى السنوات الأخيرة مثل الخطف والاغتصاب والبلطجة والفساد والاغتيالات، وتحذر البيوت والشباب من جرائم أخرى غريبة على مجتمعاتنا العربية تتزايد يوما بعد يوم بسبب مواقع التواصل الاجتماعى ومنها الشبكات الإباحية التى تدار عن طريق الصفحات الإلكترونية والابتزاز عن طريق فبركة الصور وتصوير الفيديو والتسجيلات الصوتية وغيرها.
وتُعد "رحمة" أول عمل أدبى يناقش تعديل قانون معاقبة الحدث والإجراءات الجنائية وثغرات القانون وغيرها من العوامل التى تتيح للمجرمين فرصة الهروب من العقاب والجزاء العادل الذى يستحقونه، ومن اهم ما ناقشته الرواية هو مكافحة جرائم العنف ضد المرأة وجرائم خطف واغتصاب الأطفال بشكل خاص وجريمة الاغتصاب بشكل عام وكيفية تعامل القانون مع مرتكبها ونظرة المجتمع لضحيتها وتأثير ذلك على الضحية نفسها وخطورته على المجتمع ككل فى المستقبل إذا ما استمر بنا الحال على ذلك ولم نسرع بالتغيير.
وقدمت الراوية موضوعات أخرى مهمة ومؤثرة، أولها قصة الحب القوية المليئة بمعانى الحب الصادق والمشاعر الجميلة الراقية التى تتسم بالإخلاص والتضحية، والترابط الأسرى والدفء العائلى المفتقد هذه الأيام، بالإضافة إلى الإصرار على تحقيق العدالة وإعلاء كلمة الحق مهما كانت العواقب.
رحمة تعتبر ملخصا لحياتنا والواقع الذى نعيشه، رواية كشفت المستور عن الكثير مما يخفيه مجتمعنا وتحذر من ردة فعل المظلوم أن فقد الإيمان بالعدالة وسيطرت عليه مرارة الاحساس بالظلم والعجز امام القوانين العقيمة التى قد تحول دون تحقيق العدالة بدلاً من تحققها بين الناس ،..
وقدمت "رحمة" بين سطورها اسمى معانى الحب والقوة والاصرار والشجاعة والوطنية وخلقت قدوة حية للشباب ونموذجاً مشرفاً شجاعاً فى مواجهة الظلم والفساد، رحمة رواية ملحمة ادبية كتبتها ميسون سرور من اجل المجتمع وللاجيال القادمة