في ظل ارتفاع أسعار العقارات في كل دول العالم، أصبحت أزمة البحث عن مسكن بمقابل يناسب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه الشخص أمر شديد الصعوبة، ولكن يكاد يكون "فوجيرى" هو المجمع السكنى الوحيد فى العالم، الذى يحافظ على قيمة الإيجار السنوية، التى تقدر بحوالى دولار واحد منذ 500 عام
ففى الوقت الذى يبدو أن تكلفة استئجار المنازل ترتفع فعليًا فى كل مكان في العالم، يعيش سكان مجمع سكنى مثالي فى ألمانيا فيما يشبه "يوتوبيا"، حيث يدفع سكان فوجيرى، وهى منطقة قريبة من أوجسبورج، دولارًا واحدًا فقط سنويًا ايجار مقابل السكن، وهو نفس ما يدفعه المستأجرون الأوائل الذين انتقلوا إلى المجمع السكنى منذ ما يقرب من 500 عام.
تأسست فوجيرى فى عام 1514 من قبل رجل أعمال ثري يدعى يعقوب فوجر، كمجمع سكنى اجتماعى لفقراء المدينة، ثم انتقلت عائلة فوجر إلى المدينة الألمانية المزدحمة فى منتصف القرن الـ 14 وأنشأت شركة تجارية مزدهرة لتجارة الملابس، وبحلول القرن الـ 16، كانت عائلة فوجر واحدة من أغنى أغنياء أوجسبورج، وتوسعت عملياتها لتشمل العقارات والمصارف، حيث كان يعقوب فوغر أغنى مصرفى فى المدينة، وهو ما أكسبه لقب "يعقوب فوغر الأغنياء"، لكنه ظل متمسكًا بقيم أسرته، وفى عام 1514 بدأ فى بناء فوجيرى كوسيلة لإعادة المجتمع.
حلم فوجر كان توفير سكن بأسعار معقولة للأشخاص المحتاجين، بغض النظر عن الحالة الاجتماعية أو العمر أو الخلفية العائلية، فكانت المتطلبات الوحيدة هى أن المتقدم يجب أن يكون كاثوليكيا ومسجلين فى أوجسبورج لمدة عامين على الأقل.
كان على المتقدمين الناجحين الموافقة على حظر التجول من الساعة 10 مساءً والالتزام بالصلاة 3 مرات يوميًا فى الكنيسة المحلية، ومازال يطبق نفس الشرط حتى اليوم، فاضطر سكان فوجيرى إلى دفع جيلدر وحيد من الإيجار الشهرى.
وبفضل صندوق إئتمانى أنشأه فوجر قبل حوالى 500 عام، ظلت التكلفة دون تغيير منذ ذلك الحين، وتم تحويل هذا الجيلدر إلى عملة حديثة، ولكن لا يزال يصل إلى 0.88 يورو (دولار واحد) فقط في السنة.
صحيفة "فينتيج نيوز" تشير إلى أنه يتعين على سكان فوجيرى دفع 0.88 يورو أخرى من أجل صيانة الكنيسة المحلية وحوالى 85 يورو للتدفئة والصيانة.
مع انتشار الحديث عن المجمع السكني الفريد عبر الإنترنت، بدأت المنطقة ترى أعدادا متزايدة من السياح الذين يرغبون فى رؤيته لأنفسهم، وحاليا لدى فوجيرى رسم دخول بقيمة 4 يورو، والذي يتضمن التنزه عبر الأزقة الخلابة وزيارة أحد المنازل التى تم تحويلها إلى متحف، للاطلاع على ما تبدو عليه المنازل من الداخل.
أما بالنسبة لحظر التجول فى الـ 10 مساء، فإنه لا يتم تطبيقه بصرامة كما كان من قبل، بينما يغلق الحارس البوابات فى نفس الساعة، وعادةً ما تُمنح غرامة صغيرة تبلغ حوالى 0.50 يورو للمقيمين الدخول بعد الساعة 10 مساء.
بوابات فوجيرى صمدت بأعجوبة أمام الزمن على الرغم من تعرضها لأضرار جسيمة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن لم تتم إعادة بنائها فحسب بل شهدت توسعات أيضا، واليوم تتكون المدينة من 67 منزلاً و 147 شقة يسكنهم 142 شخصًا إنه أقدم مجمع إسكان اجتماعى فى العالم