فى التاريخ الإسلامى نساء استطعن أن يحفرن أسماءهن بحروف من نور ونار، تمردن على أوضاعهن، فاستجاب لهن التاريخ، وتحول على أيديهن إلى دراما حية لا تموت ولا تُنسى، تظل أحداثها تتردد عبر العصور، ما بين المجد والملهاة والمأساة، ومن بين أبرز الأسماء النسائية فى التاريخ أروى الصليحي، أول ملكة حكمت في العهد الإسلامي، والتى أدارت شؤون بلاد اليمن ببراعة منذ 492 هـ إلى 532 هـ، أي لما يزيد عن نصف قرن، لقبت بعشرين لقب منها "السيدة الحرة وبلقيس الصغرى"، واشتهرت بالثبات والحكمة والعدل وكانت على منزلة من الأدب والفضل والمعرفة وسداد الرأي وتشتهر عصرها بالعلم والأدب وسمي بـ " العصر الذهبي".
نشأة الملكة أروى
خرجت أروى بين أضلاع عائلة حاكمة في قرية جبلة بمدينة إب في اليمن، والدها أحمد بن علي الصليحي ملك اليمن، وأمها رداح ابنة الفارع بن موسى من الأسرة الصليحية، توفى والديها في حادث إثر إليم وبعدها انتقلت أروى للعيش في قصر عمها بعد أن انتقل الحكم إليه، وتعهدت زوجة السلطان علي الصليحي بالرعاية والاهتمام إليها.
عُرفت أروى بالجمال والثقافة وحسن الأخلاق، كانت قارئة وكاتبة تحفظ الأشعار والأخبار والتواريخ، حين أتمت أروى الـ 18 عامًا تزوجت من أحمد المكرم ولى العهد، كان مهرها إمارة عدن وحفل زفافها رمزًا للابتهاج والتفاخر، وانجبت أربعة من الأبناء" علي ومحمد وفاطمة وأم همدان"، توفى الولدان وظلت فاطمة وأم همذان.
بداية توليها مقاليد الدولة في اليمن
قتل الملك علي الصليحي بسبب الخلافات بين العشائر اليمنية، وبعدلى تولى الأمير أحمد المكرم الخلافة خلفاً لأبيه، كانت تلك الفترة مليئة بالحروب والمعارك والفتن، واحدها أصيب الملك إصابة جعلته قعيد لا يستطيع التحرك وسرعان ما فوض المكرم الأمور إِلى زوجته "أروى"؛ فشيد لها قصرًا في حصن قرية جبلة" مسقط رأسها نقلت أروى إلى القصر كافة زخائر الدولة وقامت بكافة تدابير المملكة، حتى أن توفي زوجها عام 481هـ، في تلك الفترة كانت كافة مقاليد الحكم تحت رعاية الملكة أروى.
زواج سورى من سبأ الصليحى بأمر المستنصر الفاطمى بعد وفاة زوجها
بعد وفاة زوجها الملك المكرم أصبحت أروى مطمعًأ للجميع منهم "سبأ الصليحى" الذى طمع في الزواج منها كى يفرض سيطرته على البلاد، ولكنها رفضت فاحتكم إلى المستنصر بالله الفاطمى والذي أمر أن تتزوج سبأ زوجاً وظل هذا الزواج صورياً، وبذلك ظلت أروى تمسك بمقاليد الحكم الفعلية، وترفع إِليها الرقاع، وتجتمع بالوزراء ويدعى لها كحاكم البلاد على منابر دولة اليمن، بعد أن توفي زوجها الثاني "سبأ " عام 492هـ، كانت كانت مقاليد الدولة في يدها، اتقنت تدابير الدولة العسكرية وكونت جيش قوى وكبير، وكان ضمن أهدافها الثأر من قاتل عمها وآسر زوجته سعيد بن نجاح، فنشرت الشائعات الكاذبة حولها بأن حلفائها من اليمن تخلوا عنها وأصبحت بمفردها، فتجرأ "سعيد "على مهاجمتها فسحقته جيوشها وقطعت رأسه.
أعمالها لصالح الدولة اليمنية
عملت أروى على تشجيع البناء والعمارة وإِنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد ومنها المسجد الكبير في صناء، واهتمت بمعاهد العلم ورواتب العلماء والمدرسين وأنفقت الكثير على شق الجبال الطرق، ساهمت في نشر المذهب الشيعي في البلاد، فهى من ورثت الدعوة الإسماعيلية في اليمن.
وفاة الملكة أروى
عانت الملكة أروى من المرض سنوات طويلة حتى توفيت ودفنت في ضريح لها في المسجد الذي سمي باسمها "أروى"، وعلى إِثر ذلك ضعفت الدولة الصليحية، الأمر فيها إِلى الأمراء من "آل زريع "، وانتهى أمر الصليحين تماما بعد أن غزا توران شاه بن أيوب الـيمن.