"أعاني من الإحساس بالرغبة في البكاء بشكل مستمر، ويحدث هذا بدون وجود سبب مبرر، أفكاري دائمًا حزينة وسوداوية وراودني التفكير مرارًا في التخلص من حياتي، ولكن إيماني بالله يمنعني من الانتحار خوفًا من عقابه، دائمًا قلقة ولا أشعر بالسعادة أبدًا، توفي والدي ووالدتي في حادث، من وقتها وأنا أعيش بمفردي وأميل إلى العزلة وتجنب الاختلاط بالآخرين، فهل يوجد علاج لحالة الحزن التي أمر بها أم أنني سأعيش في عذاب بقية حياتي؟
القارئة العزيزة نقلنا استشارتك إلى الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية الذي قال: نقدر تمامًا أن فقدان الوالدين بتلك الطريقة مع عدم وجود أخوة هو أمر صعب الاحتمال ويحتاج إلى الكثير من الصبر وقوة الإيمان وطلب المعونة من الله الذي بدونه لن نستطيع اجتياز الأمر، مع التمسك بالرجاء وعدم الاستسلام لحالة اليأس والحزن والإحباط، فطبيعة الحياة هكذا، كلنا غرباء على الأرض وحياتنا تشبه البخار الذي يظهر سريعً ثم يختفي، ومن أدرك تلك الحقيقة عاش زائرًا في الدنيا وهمه رضا ربه عنه وتطوير نفسه والتأثير في حياة غيره أثناء فترة وجوده على الأرض.
وهنالك عدة مراحل للفقد يمر بها الإنسان، قد ذكرتها الطبيبة النفسية إليزالبيث كوبلر في كتاب الموت والوفاه، بأن الإنسان يمر بعدة مراحل بعد فقدان شخص عزيز أو المرور بصدمة نفسية شديدة، يحدث أولًا عدم تصديق أو إنكار للأمر كرد فعل أولي وبدائي لعدم إدرالك العقل واستيعاب الموت أو الفقدان، ثم يتحول الأمر إلى غضب ولوم لماذا أنا بالذات؟ لماذا يحدث لي كل هذا؟ ثم التفاوض على تقبل الأمر مرورًا بمرحلة الحزن ثم التقبل والتكيف وإكمال مسيرة الحياة.
ومن المثبت أن تأثير الألم النفسي أشد ضررًا على حياة الإنسان وأكثر تأثيرًا على صحته، فالجسد يتأثر بسهولة بأمراض الروح وبالنفس المجروحة.
الأعراض المذكورة تدل على وجود اكتئاب نفسي، ولكن للاكتئاب أيضًا درجات فهنالك البسيط الذي قد يتكيف معه الإنسان، وهنالك الأشد خطورة والذي يصل إلى محاولات التفكير المستمر في الانتحار ومحاولة تنفيذه، والذي يزيد بشكل أكبر ويتضاعف عند النساء بالنسبة للرجال.
من الأمور الإيجابية التي رأيت فيها شعاع النور والأمل من رسالتك هو سؤالك هل يوجد علاج لحالة الحزن والألم؟ وهذا يعني أنه حتى وإن اكتملت الأعراض التشخيصية لاضطراب الاكتئاب لديك فسيكون من الدرجة البسيطة أو المتوسطة بإذن الله، والذي يستجيب للعلاج النفسي بشكل كبير وأحيانًا قد لا يلجأ صاحبه لتناول أية أدوية نفسية إلا في حالات محددة منه.
بداية إن كان هناك تأثرًا في جودة النوم وعدد ساعاته بالزيادة أو النقص، وإن كان هناك تأثرًا في تناول الغذاء مع الأعراض المذكورة في شكوتك فمن المستحسن زيارة الطبيب النفسي للتقييم إن زادت المدة عن أسبوعان إلى شهر متواصل بدون تحسن أو وجود سوء للحالة.
أما من ناحية العلاج السلوكي فمن أنجح العلاجات النفسية في مثل حالتك هو التدريب على التنفس البطني العميق، ويمكنك الاطلاع على طريقه بالتحديد من شرح بعض الأطباء له على شبكة الإنترنت، يجب عمل جلسة يوميًا للتنفس العميق والاسترخاء لمدة شهر كامل على الأقل.
كما أنصحك بممارسة رياضة المشي بشكل يومي لما وجد لها من فوائد عظيمة على النفس كما الجسد أيضًا، فيجب ممارسة المشي بشكل يومي لمدة عشرون دقيقة على الأقل، أو ثلاثة مرات أسبوعيًا لمدة ثلاثون دقيقة على أقل تقدير، فوجد أن فيها فائدة كبيرة في علاج حالات القلق وعسر المزاج مع الانتظام عليها وإدراجها ضمن روتين الحياة.
الشيء الأخير الذي أود ذكره هو أن التفكير السوداوي والتشاؤمي هو الذي يؤدي إلى زيادة حدة الأعراض وشدتها، فنصيحتي بعدم تجنب الاختلاط بالآخرين بل عليك بالإكثار من الاختلاط، فسيسرع ذلك من العلاج إذا كان الاختلاط مع الصالحين من الناس ومن يقربونك إلى الخير وفعل الصواب، ويا حبذا إن قمت بالاشتراك في نشاط خيري خدمي أو تطوعي، واعلمي أن الاقتراب إلى الله والصلاه باستمرار من فعل الخير للغير، يجد الإنسن فيه خيرا كثيرًا أيضًا.
إذن لابد من الانشغال بجدول يومي وتجنب الانعزال عن الناس والوحدة والتفكير السلبي، اجبري نفسك في البداية على فعل هذا حتى تعتادين عليه وتتشكل عادات جديدة إيجابية لحياتك.
فى إطار حرص "انفراد" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "انفراد" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى
[email protected]أوالرابط المباشر.