"أنا فتاة في المرحلة الجامعية حساسة بطبيعتي وأميل إلى الوحدة والعزلة عن الناس، لا أحب الخروج من المنزل كثيرًا إلا للضرورة ولا أحب الاختلاط بالآخرين، لا أجيد التعامل مع الناس وهذا يضايقني فلا أجد موضوعات للتحدث فيها في المناسبات الاجتماعية وأشعر أنني في عالم لم يفهمني فيه أحد، لا استطيع مسامحة من يسيء إلى بسهولة ولا أود أن أنظر في وجه من يضايقني أو ألقي السلام عليه، فبماذا تنصحوني أن أفعل؟".
****
القارئة العزيزة، نقلنا استشارتك إلى الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية، الذي قال إن علاج معظم المشكلات من الناحية النفسية ينقسم إلى ثلاثة أمور، الاعتراف بوجود المشكلة أولًا فإن لم يعترف الإنسان بوجودها لن يستطع حلها وهذا الأمر له أساس خاص وهام في رحلة العلاج النفسي، ثم يليها معرفة الطريق الذي يجب أن نسلكه وما يجب على الإنسان فعله وهو مايسمى بالعلاج المعرفي، وثالثًا علينا القيام بخطوات عملية لحل المشكلة وهو ما يسمى بتوافر عنصر الإرادة وهذا هو مثلث التغيير.
وطلبك الصادق للنصيحة هو دليل قاطع على اعترافك بوجود المشكلة وطلب المساعدة لإيجاد الحل وهذا أمر إيجابي ويعد جزء كبير وهام في رحلة العلاج.
لا شك أن الحياة بطبيعتها تتطلب القوة والمثابرة والإرادة والسعي إلى التطور باستمرار، ومن لا يجيد ذلك سيصبح مكانه مع المتأخرين والحزانى وكما قيل سابقًا أن من لا يتجدد يتبدد.
والإنسان حقيقة لا يستطيع العيش بمفرده، فلقد خلق الله الإنسان خلقهما ذكرًا وأنثى ليثمرا ويكثرا وييعمرا الأرض، فلقد رأى أنه من الجيد ألا يكون الإنسان وحده، كما أن الحكمة تقول أن اثنان خيرا من واحد والخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا، وهذا معناه أن العلاقات واجبة.
ومع ذلك فإنه يتعين على الإنسان أن يبذل الجهد ويمتلك الوعي الكافي لإقامة علاقات اجتماعية سليمة والعمل على الحفاظ عليها، وعلى قدر طاقة كل إنسان إذا استطاع أن يسالم الجميع دون أن ينصهر معهم في العلاقة فيفقد شخصيته وطبيعته الخاصه، هذا أمر هام ويحتاج إلى التدريب وفيه نجد خيرًا، فكما قال الحكيم قديمًا اصنع الخير واطلب السلامة مع الجميع ولكن دون أن تفقد هويتك الخاصة.
وأن يجيد الإنسان التعامل مع الآخرين ويصبح لبق الحديث وفصيح القول فهذا يحدث بكثرة الاطلاع والقراءة وأن يجبر الإنسان نفسه على الاندماج مع الآخرين في المناسبات والأنشطة الاجتماعية حتى وإن وجد صعوبة في ذلك في البداية، الأمر يحتاج إلى الممارسة والتدريب والخبرة تمامًا كلاعب الكرة الذي يبذل جهد في التدريب الفردي أولًا ومع الفريق ثانيًا قبل أن تبدأ المباراه ضد الخصم، هكذا تسير أمور الإنسان في حياته على هذا النحو، فأرجوا منك في البداية قراءة موضوعات قصيرة كل يوم ولعدة مرات في مجالات متنوعة ثم قراءة الكتب الصغيرة حتى نكتسب عادة القراءة والمطالعة، ثم الاشتراك في نادي ثقافي وهذا متوفر في جميع محافظات مصر كما أن الاشتراك في أنشطة تطوعية وجد أنه مناسب جدا لتحسين تلك الأعراض.
أن يبقى الإنسان في سلام مع الجميع هذا أمر ضروري لصحتة النفسية على وجه الخصوص وراحته في الحياة بشكل عام، وأن يحدث ذلك لابد من طلب معونة من الله لأنه بدون الله لن يقدر الإنسان على فعل شيء، فحتى وإن كان الإنسان مظلومًا لا يصح أن يعادي أحد. يجب أن ننظر لهذه الأمور نظرة شاملة وموضوعية.
ومن ناحية أخرى فقد ينتاب الفتاة ذلك الشعور بسبب قلة أو انعدام الشعور بقيمة النفس، فما أوده منك أيضًا ألا تقللين من قيمة نفسك أبدًا فقد يكون الأمر مكتسبًا في بعض الأحيان منذ الصغر نتيجة التنشئة الاجتماعية وهذا ما أتوقعه في مثل حالتك، فقومي بتطوير مهاراتك الاجتماعية ومارسي رياضة جماعية فهذا يصقل النفس وينقل لها شعور الثقة أثناء التعامل مع الآخرين.
عليك أخيرًا بالبحث عن الجوانب الإيجابية والقدرات والمواهب الخاصة في حياتك وتنميتها، فكلما شعر الإنسان بكيانه وأثبت وجوده فيما يميزه صارت حياته أكثر استقرارًا. اسأل الله أن يعينك على تطبيق الإرشادات المذكورة ونرجو أن يوفققك الله فيما ينفع ويصلح.
فى إطار حرص "انفراد" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "انفراد" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى
[email protected]أوالرابط المباشر.