أثار حادث تحطم الطائرة المصرية القادمة من مطار شارل ديجول الفرنسى العديد من التساؤلات حول مصير الصندوق الأسود، وما جرى من أحداث على متن الطائرة قبل تحطمها، والعديد من التساؤلات حول التكنولوجيات الأمنية فيما يتعلق بتخزين البيانات داخل الصندوق الأسود للطائرة، دون بثها فى الوقت الحقيقى من مركز القيادة فى المطار ليكون على اطلاع أولا بأول بما يحدث للطائرة، سواء فيما يتعلق بحالة الطيران أو ما يحدث بداخلها.
الصندوق الأسود
يتكون "الصندوق الأسود" من قطعتين منفصلتين، الأولى مسجل بيانات الرحلة (FDR)، والأخرى مسجل صوت قمرة القيادة (CVR)، ويلزم تواجدهما على أى رحلة تجارية أو طائرات لرجال الأعمال، ويتم الاحتفاظ بهما فى ذيل الطائرة، حيث إنه المكان الأقل ضررا عند حدوث أى انفجار، ويقوم مسجل بيانات الرحلة بتسجيل السرعة والارتفاع والتسارع العمودى وتدفق الوقود، أما المسجل الآخر، فيقوم بتسجيل مختلف الأصوات مثل الأحاديث العادية والمشاجرات والضوضاء وغيرها، وهما عادة مغلفتان بمادة التيتانيوم والفولاذ المقاوم للصدأ لتحمل أصعب الظروف، ويمكن للصندوق الأسود إصدار الإشارات والذبذبات لمدة 30 يوما قبل نفاد البطارية.
- لماذا لا تتم مشاركة بيانات الرحلة فى الوقت الحقيقى؟
ظهرت العديد من التساؤلات حول أسباب عدم نقل بيانات رحلات الطيران فى الوقت الحقيقى للرحلات الجوية، والاكتفاء بحفظها فى الصندوق الأسود، والذى من شأنه أن يستغرق الكثير من الوقت حتى الوصول للصندوق وتحليل بياناته، إلا أن عددا من التقارير أشار إلى أن هذا الأمر يحدث بالفعل ولكن على نطاق محدود للغاية، حيث إن كل طائرة تمتلك نظاما يعرف بـACARS، والذى تكون وظيفته التواصل بين الطائرة ومركز القيادة فى الوقت الحقيقى، إلا أنه يرسل فقط البيانات الأساسية مثل أى الأبواب تم إغلاقها، وموقع الطائرة، والارتفاع وأى رسائل مخصصة ضرورية يشعر بها طاقم الطائرة.
إلا أن نقل المعلومات الكاملة التى يقوم الصندوق الأسود بتخزينها إلى القاعدة الأرضية يعتبر أمرا بالغ الصعوبة، حيث تحتاج عملية بث جميع المعلومات من مسجل الطائرة إلى الأرض فى الوقت الفعلى إلى 12 جيجا بايت من البيانات لكل طائرة واحدة فى الرحلة، ومع متوسط 8000 طائرة فى السماء فى أى وقت من الأوقات، فإن حجم النطاق الترددى الذى نحتاجه لنقل هذه البيانات سيكون كبيرا للغاية، بالإضافة إلى التكلفة الكبيرة والتى أشارت بعض الأبحاث إلى إنها قد تبلغ 300 مليون دولار سنويا لنقل جميع بيانات الرحلات.
أما المشكلة الثانية فتتعلق بمخاوف الأمن والخصوصية الخاصة برحلات الطيران، وبث هذه البيانات بشكل مباشر، حيث إن نقل بيانات الطائرات فى الوقت الفعلى سيجعلها متاحة لأى شخص ليعترضها، فقط يحتاج لبعض مهارات الاختراق، وهو الأمر الذى يوجد بالفعل، حيث يقوم بعض المخترقين حاليا بالتجسس على بعض شركات الطيران.