ما زلت أتذكر مقولة أحد الأساتذة بالمرحلة الجامعية " كل مبالغ فيه مشكوك فيه"، غمُضت علينا العبارة وقتها ، فسّرها لنا، أن من يغالى فى فكره أو يشطّ فى تصرفه ، إنما يخفى غرضا أو مصلحة أو يدارى عوارا يخشى إطّلاع الناس عليه.
وقد وُضعت هذه المقولة موضع اختبار فثبت صحتها ، وآمنّا بصدقها ، وربما ينبغى أن نستدعى تلك المقولة لتفسر لنا كثيرا من الأوضاع الحالية ، ونحسبها معيارا صادقا للحكم على كثير من الشخوص والأفكار والناس.
يقينا لا تختلف بعض التيارات والقوى السياسية عن الإخوان والجماعات كثيرا، فالمنهج الفكرى واحد وإن اختلفت الطريقة، كل يحتكر الفضيلة وكلّ يدعى أنه صاحب الطريقة المُثلى ، ويملك الحقيقة المطلقة ، كل يتجر بمبادئ وبضاعة يروّج لها بين الناس ..
لا خلاف فعلا بين من يتاجر بالدين وآخر يتاجر بالوطنية ، ربما الاختلاف فى هالة القداسة التى تحيط بفصيل دون الآخر .
فى النهاية يمتلئ المجتمع بالمغالين فى الفكر سواء الدينى أو السياسى ، تعج الساحة بمروجى الشعارات وبائعى الوهم من كل لون ، ولم يعد ثمة معيارا للتفرقة سوى العودة لتلك القاعدة التى أرساها الأستاذ " كل مبالغ فيه مشكوك فيه .