محمود حمدون يكتب :" شأن خاص "

استغرقت وقتا طويلا فى إعدادها , رغم أننى قد هيأت نفسى لذلك جيدا , بحثت عن الوصفة والمقادير اللازمة , سعيت منذ فترة لشراء مكوّناتها من أجوّد الأنواع , لم أبخل بمال أو جهد . دائما هناك لحظة تندلع الشرارة فيها , عندها يكتمل كل شيء ولمّا حان الوقت , شمّرت عن ساعد الجد , الحق مرّت ساعات كثيرة من عمل شاق فتلك تجربة أولى أخوضها , لعلّى سمعت و قرأت عن محاولات آخرين , لكن تظل تجربتى , لها رهبتها فى النفس , كم سعدت بنجاح حققته فى صنع هذه " الكعكة " لم أقف كثيرا أمام تكلفة وتضحيات بعدم الذهاب للمقهى والاستمتاع بوقتى كالآخرين. أخرجتها ساخنة من " فرن " الموقد , حرارة رهيبة تصاعدت فجأة لتلفح وجهى , خففّ من صهدها فرحتى الغامرة وأنا أمسك بها بين بيدى , وضعتها برفق على طاولة مجاورة , ثم أحضرت طبق صغير وسكين , شوكة , ممنّى النفس بطعام شهى , مكافأة سخية بعد سنوات من شقاء , استويت جالسا على كرسى وأثر ارهاق بدا فى عينى لما نظرت فى مرآة جانبية , وجه أنكرته وسألت نفسى : كيف بلغ بى الشقاء هذا الحد ؟ تجاهلت إجابة أعيها جيدا ولن تزيدنى إلاّ بؤسا , حمدت الله كما ينبغى وانكفأت لتقطيعها , إذا بجرس الباب يواصل الرنين دون انقطاع , وصخب بالخارج , بدا أنى أعرف أصحاب تلك الأصوات أو بعضها على الأقل . ! كانوا هم , زمرة الأصحاب , منهم من أراه صبيحة كل يوم ومنهم فى المناسبات السارة , وآخرين غابوا لسبب مجهول , احتفيت بهم وحيرة بادية فى نفسى , ما تلك الزيارة المفاجئة ؟! = كأنك لا ترغب برؤيتنا ؟! أننصرف ؟! لم أقصد , لكنها زيارة دون موعد وبوقت أكثر غرابة ؟ فما ورائكم ؟! كبيرهم : قصدنا زيارتك لنشاركك نجاحك فى صُنع " كعكتك " فقد راهنت منذ فترة على قدرتك على صُنعها , فزت كما تفعل دوما , لذا , ليس أفضل من أن نحتفل معك وبها . اندفع زميل رأيته آخر مرة منذ عشرين عاما , للداخل فأحضر عشرات الأطباق والأشياء , وآخر جذب وسائد وكراسى من جوانب الشقة وغرفتيها , ثم قام صاحب الرهان وأشار بيديه فصمت الجميع ,: لحظة لا أحب أن يشاركنا غيرنا احتفالنا فذلك شأن خاص , فهل أنا مخطئ ؟! أمّن الباقون على رأيه , بينما كان يغلق أبواب الشقة ونوافذها ويُسدل الستائر , يطفئ الأنوار , ثم أضاء هاتفه المحمول , فانبعث منه نور شاحب اللون , وضعه بمنتصف الطاولة , وبصمت بليغ خيّم على رؤوس القوم , انطلقوا فى الأكل والمضغ , سمعت همهمة بضيق من أحدهم : ينقصها بعض السكر, كما أنها كانت بحاجة لوقت أطول فى " فرن الموقد ".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;