هدى سعيد تكتب: إذا أردنا أن يرحمنا الله فلنتراحم بيننا

خرجنا أنا وزوجى وأولادى لقضاء يوم خارج البيت للترويح عن أبنائنا.. وفى المتنزه، وفى مكان ملاهى صغيرة فيها بالون ألعاب كبير يلعب عليه عدد معين من الأطفال منهم أولادى وغيرهم.. لاحظت طفل صغير لا يتعدى عمره الثلاث سنوات، تقريبا كان أصغر الموجودين على البالون ومعه أخته تلعب معه عمرها حوالى خمس سنوات.. كان الصغير متحمس ولا ينتظر دوره، فيصعد بجانب الأطفال وقد يسند عليهم أو يمسك بأحدهم حتى يستطيع الصعود، وأنا أراقب المشهد كله.. ببراءة شديدة أسند الطفل يديه على فتاة صغيرة عمرها تقريبا ست سنوات وأمسك ضفيرتها محاولا الصعود وأفلتها بسرعة كانت أمها بجانب البالون وتراقب.. صرخت البنت من مسكة ضفيرتها وسكتت سريعا.. رأت أمها المنظر نادت الطفل الصغير وبدأت تصرخ فى وجهه وتنهره، أسرعت إليه أخته واحتضنته وقالت للأم فى إيه يا طنط.. بدأت تصرخ فى البنت وأخوها معا لا تفعل كذا وابتعد عن ابنتى.. وإذا فعلتها ثانية سأفعل بك كذا وكذا.. والولد ينظر باستغراب وخوف، خافت أخته بدأت تنادى يا بابا يا بابا، ظلت الأم تصرخ فيها انتى بتخوفينى ببابا.. جاء الأب الذى كان واقف يراقب أبناءه أيضا، فسارعت هى وقالت إبنك بيضرب بنتى ويشد شعرها.. إقترب الأب من أولاده وهمس لإبنه إلعب بالراحة وإحتضنهم حيث رأى ما فعلت هذه الأم وإحترم نفسه لم ينزل لمستواها فقط علم ابنه كيف يلعب..

بعد انتهاء الوقت على البالون ونزل الأولاد كلهم، قالت لابنتها وبصوت عال تعلمها نصاً، كنتى ضربتى الولد برجلك من الخلف زقتيه وقعتيه.. خدى حقك فى ساعتها، ماتسمحيش لحد يضايقك.. هذه الأم هى إرهابية أيضا ليس فى قلبها رحمة وتربى ابنتها لتصبح مثلها... أى قيمة زرعتها هذه الأم فى بناتها ؟ أى تربية هذه القائمة على العنف والشدة.. هى تحرض على أذى طفل آخر صغير لا يفقه شئ..

هى صرخت فيه وفى أخته ولا يحق لها ذلك.. تعلم ابنتها كيف تكن عنيفة قاسية مثلها.. تعملها كيف تضرب وتركل وترميه بعيدا عنها.. نعم هى تحب بناتها وجميعنا نحب أبناءنا ونخاف عليهم... هل معنى أن تحمى أطفالها بأن تؤذى أبناء غيرها...

كيف ستكون هذه الفتاة فى المدرسة مع زملاءها ومدرسيها... كيف ستصبح أم بهذه الأخلاق القاسية... تاخد حقها بدراعها... إذا عرفت البنت أن هذا حقها أصلا... كيف تتعامل هذه الأم فى باقى أمور حياتها من هذا المنطلق، كيف هى مع جيرانها وزملاءها وكل من حولها ؟ وأمثالها فى مجتمعنا كثير...

الأم نفسها بحاجة للتربية والتأهيل... محتاجة تعرف أنها لن تؤمن حتى تحب لمن حولها ما تحب لنفسها ولا ترتضى لأى طفل ما لا ترتضيه لعيالها... محتاجة تفهم معنى الطفولة... محتاجة تتعلم الرحمة... حتى تنتج وتنشئ من فى قلوبهم رحمة...

هذا الطفل الصغير كان يتجاوز أبنائى أيضا ويستند بذراعه عليهم ويصعد بجوارهم، وتنظر ابنتى لى، أقول لها خليه يعدى، ساعديه يطلع، ابتسم واقول لها هو صغير خليه هو الأول وهكذا... لعبوا واستمتعوا ولم ينقص هذا من متعتهم شئ...

فى حال أن هذا الطفل هو سنه كبير ويعتدى على من حوله بالضرب والركل مثلا، وإبنك صغير لا يتحدث ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، نبدأ نبحث عن والده أو والدته ونخبرهم أن ابنكم قد يؤذى أحد الأطفال بهذه التصرفات وعليهم منعه، لكن ليس من حق أحد أن يعتدى عليه بأى شكل... إذا لم يتصرف معه والدها أخبر أبناءك أن يبتعدوا عنه ولا يلعبوا معه.. فإذا لم ينته أيضا، نبدأ بالتدخل بالحديث معه برفق ونعلمه أن سلوكه سئ وسيبتعد عنه كل الأطفال ولن يلعب معه أحد.. فإن إستمر.. نلجأ لأحد مسئولى المكان بالتصرف أيضا برفق.. سؤال: ماذا أقول لابنى وكيف يتصرف إذا ضربه أو سبه طفل آخر ؟ يقول أهل التخصص فى هذه المسألة: عليك بتعليم ابنك فى هذه الحالة أن يواجه المشكلة بنفسه أولا بأن يقول لمن ضربه لا تضربنى وإن فعلتها مرة أخرى سأقول لوالدك أو للمدرسة... فإذا كررها الطفل وضربه ثانية، فهم ابنك أن يذهب لوالد الطفل ويخبره بأدب أن ابنك ضربنى... فإن فعلها ثالثة فيقول له ابنك أنه إذا كررها سيضربه وسيذهب لأبيه ثانية هذا ليعلم الأول أن من أمامه ليس جبانا ويبدأ بالرجوع... فإذا كررها وضربه للمرة الرابعة ساعتها علم ابنك أن إضربه هذا فى حال عدم وجودك بجانبه عليه أن يتصرف ويواجه مشاكله وحده كما علمته أنت... وفى المدرسة عليه أن يخبر المعلم المسئول... فإذا لم يستجيب له ولم يتدخل لحل الموقف يبدأ هو بالتصرف كما وضحنا... هنا نبه الولد ثلاث مرات وفى الرابعة اضطر للدفاع عن نفسه حتى لا يقال جبانا ولا يصبح ضعيفا مستهزءا به ممن حوله...

إذا كنت تحب أبناءك وتخاف عليهم أحسن تربيتهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وقال صلى الله عليه وسلم ماكان الرفق فى شئ إلا زانه... وما نزع من شىء إلا شانه صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الخلق، حسن التصرف، حسن التربية، رحمة الكبير بالصغير، هذا ما نحاول تربية أبناءنا عليه إذا أردنا أن يرحمنا الله فلنتراحم بيننا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;