العلاقة بين مصر والسودان لها خصوصية تميزها عن باقى العلاقات الدولية الأخرى حتى بين الدول العربية الشقيقة فالسودان ليست مجرد دولة عربية شقيقة أو مجاورة لا، فمصر توأم للسودان وعلاقتهما تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ يربط بينهما تاريخ مشترك ليس بسبب مياه نهر النيل فحسب ولكن لأن هناك رابط الدم بين كثير من الأسر المصرية والسودانية .
وبصفتى مصرى أتعامل مع أشقاء سودانيين فى الغربة لم أشعر لحظة واحدة بأى فرق بيننا فنحن كنا وما زلنا شعب واحد ولن يفرقنا أى خلاف ولم ولن أتخيل ولو للحظة واحدة أنه يمكن لمصرى أن يرفع السلاح فى وجه شقيقه السودانى وهذا الشعور نفسه لدى أشقاءنا السودانيين ولم أشعربه فقط أو أتخيله ولكنها حقيقة نرددها كلما جمعنا أى لقاء بل تجد المصرى والسودانى هما أقرب الناس لبعضهما فى كل زمان ومكان فلسنا شعبين ولكن شعب واحد "شعب وادى النيل " !!
وكم كنت أتألم كلما سمعت أحد الموتورين من الطرفين وهو يتطاول على الطرف الآخر فكم من الدخلاء على الإعلام ظلوا يتطاولون ويسبون ويعرضون أقذر ما لديهم معتقدين أن ذلك يمكن أن يفرق بين الشقيقين ولكن حسناً فعلت القيادة السياسية فى الطرفين بوقف هذا العواء الإعلامى وكل ما يؤجج المشاعر بين شعب وادى النيل .
فقد حاولت بريطانيا على طريقة "فرق تسد" أن تزرع الفتنة لإحكام قبضتها على الدولتين، كما غرس الإنجليز بمساعدة ضعاف النفوس من المصريين شعوراً عاماً لدى السودانيين بـتعالى المصريين ! وتلك المحاولة الخبيثة فشلت لأن الشعب السودانى تاريخياً من أكثر شعوب المنطقة ثقافة وفكرا ، وهو أيضا شعب العلماء والشعراء والأدباء، إلا أن قوى الاحتلال مارست دوراً تاريخياً فى توسيع شقة الخلاف بين البلدين ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل وتحطمت أمام إرادة المخلصين والوطنيين من البلدين فلم ينس المصريون أن السودان إستضافت طلاب الكلية الحربية المصرية تأميناً لهم وحرصاً عليهم فى الشهور الأولى التالية لوقوع نكسة حزيران (يونيو) 1967.
كما لم ينس السودانيون أن مصر كانت ومازالت تستضيف الطلاب السودانيين فى جامعاتها ومعاهدها ويعاملون معاملة المصريين تماماً.
إن شعب وادى النيل كان ومازال وسيظل شعب واحد مهما تأرجحت العلاقات السياسية تبقى العلاقات الأخوية والإنسانية بينهما وأواصر المحبة تتدفق كمياه النيل !!