الساندويتش طعام مختصر ومختزل، ووجبة سريعة ومستعجلة، تجهز فى لحظات وتؤكل فى دقائق، وتغنيك عن ملل انتظار الطهى ومتاعبه لتضمن لك قضمات سريعة، إلا أن هذه الوجبة لا تسمن ولا تغنى من جوع، ولا تشبع كطبخة أعدت على نار هادئة بأيدى ماهرة وخبيرة وبطريقة صحية تضمن لك اللذة وتحقق الفائدة المرجوة!
هذا الحال مع ساندويتش الطعام، ولكن أصبح لكل شىء ساندوتشه، فهناك ساندويتش للفكر مختصر أيضاً ومختزل نراها فى أقراص الـــ"سى دى"، و"الفلاشة"، وكارت "المومرى"، ويختصر الطلاب مناهجهم المملة والطويلة فى "ملخصات" أو "مذكرات" صغيرة وقليلة لا تتجاوز صفحاتها أصابع اليد لا تحقق نجاحا ولا تلبى مطلبا!
والمعايير الاجتماعية والعبارات الاصطلاحية أصبحت أيضًا مختزلة كالساندوتش، فعبارات السلام وآداب التحية أوجزت بكلمة (هاى) و(هاللو)، وعبارات الوداع والرحيل غابت عنها الحميمية والمشاعر الودية ولم تعد جمل كما كنا نقولها عند الوداع كـــ (فى رعاية الله)، أو (مع ألف سلامة) بل اختزلت الجملة فى كلمة (باى)، وغابت الصور الشعبية والأزياء الفلكلورية وسمات الشخصية المصرية لتصبح شخصية (باتمان) و(سوبرمان)، حتى أغانى الطرب الأصيل بموسيقاها المعبرة اختزلت إلى ما يشبه الطقطوقة بموسيقى صاخبة وصراعات مفزعة كالفيديو كليب، وأختصر الزمان لتثمر الأشجار فى غير مواسمها، ولتنبت الزراعات قبل أوانها، وتسمن المواشى والدواجن والأسماك على هرمونات لتنمو فى أسرع وقت ممكن، واختصر المكان ليصبح العالم بأسره قرية صغيرة، فيما يسمى بالعولمة، فهل الاختزال سيطول هذا العالم الذى نعيش فيه ليصبح ساندوتش فى يد قطب متوحش كأمريكا أو روسيا أو كوريا الشمالية؟!