انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية حالات زواج لشباب وشابات قد تعرفا على بعضهما البعض من خلال شبكات التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وتم رفع منشورات تضم صور الخطبة وتحمل اسم "البيست فريند".
توقفت كثيرا أمام تلك الصور بحالة من الدهشة التى تشوبها الحيرة قبل أن يدق برأسى سؤال: كيف يمكن أن يتحول طلب الصداقة إلى طلب زواج؟!
لم أجد إجابة واضحة سوى أنهم انجرفوا وراء مشاعرهم خلف سراب يطلقون عليه "الحب"، فالجهاز الإلكترونى الذى يتحدثون من ورائه كان الأكثر تأثيراً عليهم، وكان له سطوته التى جعلته يفرض عليهم مشاعر وهمية وأحاسيس مفتعلة، ظن الطرفان أنها تصلح لإقامة عش الزوجية.
وكلما زاد تعمقى فى دراسة هذه الظاهرة الفيسبوكية التى تخلو تماما من التعقل، تزداد صدمتى خاصة عندما يتبادر إلى ذهنى أسئلة تدور فى فلك الموضوع، وأتعثر حينما لا أتحصل على جواب واضح لها ومنها :
كيف يمكن أن تأتى عائلة من الشرق لخطبة بنت تنتمى عائلتها إلى الغرب؟!
كيف يمكن أن نحول الشات من وسيلة للتعارف إلى معيار الصدق الذى تقوم عليه علاقة الزواج؟!
ما الحل عندما تنشأ فجوات اجتماعية نتيجة اختلاف العادات والتقاليد؟!
وكيف يمكن سد الثغرات الناتجة من اختلاف الثقافات وتباين الأعراف؟!
هل سيحدث انسجام حينما نقتلع فردا من بيته لنزرعه فى بيئة أخرى مغايرة تماما لبيئة؟! هل سيتكيف مع المناخ الاجتماعى أم سيعانى كثيرا حينما تنكشف له الفروق الاجتماعية التى ستطفو على سطح العلاقة عند أول اختبار حقيقى لها؟!
كل هذه الأسئلة ستفضى فى النهاية إلى الطلاق، عاجلا أم آجلا، الحب وحده لا يكفى لزواج، فهو أحد عناصر المنظومة الاجتماعية وليس كلها، فهو شرط لابد من توافره لكنه ليس العمود الفقرى لوقوع الزواج.
الزواج الناجح حالة اجتماعية مدروسة تقوم على أسس موضوعية فى اختيار شريك الحياة يسبقه حسن اختيار عائلة تصلح لمخالطة عائلة أخرى، تتقارب معها فكريا، وتتوافق معها ثقافيا، وتتكافأ معها اجتماعيا ثم يأتى الحب لمباركة هذه الشروط التى من شأنها أن تكون المعيار الاجتماعى الناجح لإقامة الزواج.