المتابع للأسواق المصرية يلاحظ سيطرت العشوائية عليها ما بين أسواق المحلات المنتظمة فى قوانين الدولة والمرخصة، وأسواق لا تخضع لأى قانون أو ترخيص أو متابعة، وتتفاوت أسعار أى سلعة ما بين محل وآخر وسوق وآخر وهذا بالتأكيد سبب شكوى المواطنين.
كما يغلب على السوق الاحتكارات فأى سلعة تجد أن المتحكم فيها مجموعة من التجار لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أو اليدين معا علما بأن السوق المصرية يستوعب الكثير والكثير من التجار للخروج من هذه الاحتكارات فحجم السوق المصرى يتجاوز المئة مليون نسمة كمصريين، وأضف إليهم أشقاءنا العرب النازحين لمصر بسبب الظروف السياسية والحروب بالمنطقة العربية.
ولا يكتفى التجار بالاحتكارات فقط بل يلجأون لإخفاء السلع لرفع سعرها خاصة فى مواسم معينة تقل فيها هذه السلع لظروف التقلبات الجوية أو فترات بداية الزراعة بالنسبة للخضر والفاكهة، أو الكراسات والأدوات المدرسية فى بداية موسم الدراسة، والملابس والأحذية فى الأعياد، وأعتقد إخفاء البطاطس الأخير وحجبها عن السوق ليصل سعرها إلى 15 جنيها للكيلو، وكذلك الطماطم خير دليل على ذلك، وسبق لهؤلاء المتلاعبين إخفاء السكر والأرز وحدثت أزمة وقتها، وللأسف لا توجد آليات واقعية للدولة لتحجيم هؤلاء الجشعين والمحتكرين.
وفى كل مرة تحدث فيها مثل هذه الازمات يخرج علينا المبررون لذلك متشدقين بقانون العرض والطلب ومنهم أكاديميون ومسئولون وخبراء سابقين فى صندوق النقد الدولى، ونسى هؤلاء أن قانون العرض والطلب قانون طبيعى يعمل فى سوق طبيعية، والسوق المصرية سوق غير طبيعية من ناحيتى العرض والطلب.
فمن ناحية العرض هناك الاحتكارات وإخفاء السلع والجشع يسيطر على التجار بما يؤثر على العرض ويجعله غير طبيعى، وكذلك الطلب فهو غير طبيعى أيضا فعندما تقل السلع فى السوق ويشعر المواطن بعدم الاطمئنان، ورغم ارتفاع سعر السلعة يضطر إلى الشراء أكثر من احتياجاته وتخزينها خوفا من ارتفاع سعرها أكثر مما هو عليه، إذا قانون العرض والطلب الطبيعى لا يعمل فى سوق غير طبيعية.
فلابد أن تعمل الدولة على كسر احتكارات المستوردين والتجار بتبنى رجال أعمال جدد وتدعيمهم من البنوك لتوسيع دائرة المنافسة وللأسف تعديلات قانون الاستيراد الأخير جاءت لصالح هؤلاء الجشعين المحتكرين، كما يجب تفعيل القوانين التى تجرم الاحتكارات وإخفاء السلع والجشع والتلاعب بالأسواق، وتغليظ العقوبات لتصل العقوبة إلى مصادرة أموال المستورد أو التاجر الذى يثبت تلاعبه بالسوق باعتبار ذلك من صميم أمن الدولة واستقرارها ، وأما ما يتم تكراره بأن مصر تنتهج اقتصاديات السوق ولا يمكن العودة للتسعيرة الجبرية للسلع فالرد أن اقتصاديات السوق وضعت البديل للتسعيرة الجبرية حتى تقضى على جشع التجار بأن حددت هامش ربح لكل نوع من السلع فلماذا لا نلجأ إلى ذلك ؟
والمتأمل للسوق المصرية يجد أوضاع لا توجد إلا فى السوق المصرية فالجيش والشرطة يقومان بأعباء توفير السلع للمواطنين وهذا عبء ما كان ينبغى أن يقوما به لو أن السوق المصرية سوق طبيعية كبقية أسواق المعمورة، ووجدنا المواطن يستفتى دار الإفتاء المصرية هل شراء البطاطس التى تقوم الداخلية بمصادرتها من التجار وبيعها يجوز أو لا يجوز ؟!!! واستغلت بعض الأحزاب الأزمة بتوفير منافذ بيع البطاطس، وتجتمع برامج التوك شو الليلية جميعها على موضوع واحد هو البطاطس والطماطم ومن قبل السكر والأرز.