كل التعازى فى وفاة شهيد الواجب العميد ساطع النعمانى، الذى رحل عن عالمنا فى أجواء حزينة على جموع الشعب المصرى بمختلف طوائفه.
لم يكن أحد يعرف العميد ساطع النعمانى من قبل، ولكن تلك هى طبيعة قصص الأبطال العظماء تولد من رحم أعمال بطولية عظيمة غير مسبوقة تثير دهشة من يعيشون معهم ومن يضحون فى سبيلهم، بعدما أصابته أحد الأعيرة فى وجهه وفقد بصره على الفور ولكنه كان بطلا واجه الرصاص بكل شجاعة دون أن يفكر ولو للحظة أنه من الوارد أن يستشهد أو يلحق به بعض الأذى، ولكنه تشبس بموقعه لأن بداخله هرمونات الشجاعة والغيرة على وطنه وبطريقة لاإرادية وبدون أى تفكير وجد نفسه مواجها لهؤلاء الأعداء بكل جسارة وشجاعة.
فى حقيقة الأمر عندما تشاهد وتدقق فى جميع أحاديث البطل الشهيد تعرف وتعى أن مصر سيحفظها الله أبد الدهر، لأن الله خصها برجال يعرفون الله ويرجون الجنة ونعيمها ويتمتعون بسمات شخصية عنوانها العزة والكرامة والفدائية فى سبيل الوطن، فالشهيد بعد تعرضه لهذا الأذى الكبير وفقدان بصره لم يجلس فى منزله ولم يستسلم، ولكنه ظهر علينا بطلا مغوارا ذو عزيمة حديدية يطلب العودة إلى عمله فى أسرع وقت ممكن ليؤدى دوره من جديد، وبعد فترة إختفى البطل الشهيد وانقطعت أخباره ولكننا استيقظنا منذ أيام على خبر إستشهاد العميد ساطع النعمانى وانتابتنا جميعا حالة من الحزن العميق على رحيله، وعلينا أن نعلم جميعا أننا مدينين لهذا الرجل ولأسرة هذا البطل لأنهم دفعوا الثمن غاليا فى سبيل أن نحيا حياة كريمة فى بلادنا.
فنتوجه جميعا بكل معانى الشكر والعرفان لأسرة الشهيد البطل العميد ساطع النعمانى، نشكركم ونعلم أنه مهما تحدثنا عن الشهيد ومهما حاولنا التخفيف من أحزانكم لن نستطيع تجفيف دموعكم الغالية، ولكن يجب أن تعلموا أنكم وأحفادكم ستظلون على مر الزمان تفتخرون بأنكم لديكم بطل سطر ملحمة بطولية تاريخية سيتم محاكاتها وترديدها على مسامع الأجيال القادمة فلاتحزنوا فتلك هى إرادة الله وهذا هو قضاؤه فلكم منا كل الإجلال والتقدير فى مصابكم.
رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية دفعوا الثمن غاليا خلال السنوات الماضية وإختلطت دماؤهم بتراب الوطن، هؤلاء هم من تحملوا الصعاب ويتعرضوا كل دقيقة للمخاطر، يغادرون منازلهم ويودعون عائلاتهم ولايعلمون هل سيعودون مرة أخرى لرؤية ذويهم وأقاربهم أم لا، ولكنهم رجال أشداء عاهدوا الله وعاهدوا أنفسهم على تأدية واجبهم تجاه وطنهم بكل شجاعة، لابد للدولة المصرية تقدير هؤلاء الأبطال التقدير الذى يليق بتضحياتهم فنحن نجلس فى منازلنا فى حالة استرخاء أمام شاشات التلفاز ونستمتع بمظاهر الحياة اليومية وهؤلاء الجنود والأبطال يؤدون واجبهم فى أجواء صعبة وظروف جوية متقلبة ما بين ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها وفى تلك الأجواء الصعبة يفكرون فى عائلاتهم وأولادهم وهل سيرونهم مرة أخرى أم لا, شعور رهيب أتخيله ينتاب هؤلاء الأبطال الذى زكاهم الله سبحانه وتعالى بنعمة الشهادة فى سبيله والفوز بالجنة ونعيمها.
ساطع النعمانى لن يكون البطل الأخير فى تلك الملحمة الممتدة على مر الزمان ولكنه سيظل بيننا بسيرته العطرة وأعماله البطولية وسيظل ساطعا بيننا جميعا على مر الزمان.