مع أول أيام العام الميلادى الجديد تشرق شمس الحياة مرسلة أشعتها الذهبية لتطرق على أبواب القلوب، فيا ليته عندما تُفتَح الأبواب فى استقبال أشعة الحياة تنبعث نبضات الرحمة فى جميع الأنحاء ليعم السلام فى كافة الأرجاء.
بدأ عامٌ جديد وبدأت معه أيامٌ جديدة تحمل آمالاً عريضة للبعض وتئن بآلامٍ عظيمة للآخرين..
بدأ عامٌ جديد فهلَّل الأحياء مستقبلين مزيدًا من الحياة.. وانتفض الأموات راجين العودة للحياة.
بدأ عامٌ جديد لينتقل فيه الإنسان إما من رحابة الحرية إلى ضيق الكبت، أو من سجن الصمت إلى فضاء البوح.
بدأ عامٌ جديد لَربما تبدأ معه إشراقة شمس التفاؤل والأمل فتكون الدافع للعمل والإنجاز، أو لَربما يُظلِم فيه قمر السلام الفضى الذى ينشر سكينته على تلك البقاع الأرضية القليلة المتنعمة بالأمن والأمان.
ومع البدايات دائمًا يعظم الرجاء، إن الأمل مهمٌ لاستمرار الحياة بدون خوفٍ أو يأس، وكذلك التمسك بالرجاء ضرورى لاكتمال الإيمان بالغيب والرجاء هنا يتطلب المثابرة على العمل الصالح الذى لا قيمة للإيمان بدونه والعمل الصالح بدوره لا يعنى فقط المداومة على أداء الطقوس التعبدية من صلاة وصيام فقط؛ بل يشمل أيضًا البذل والعطاء والإنفاق – وقتًا وجهدًا وعلمًا ومالاً– تعاونًا مع الآخرين جميعًا بلا استثناء.
وإن السبيل الوحيد لعدم الانجراف فى نفق التشدد والتعصب والتطرف هو العمل المشترك بين المؤمنين جميعًا من أجل إظهار نقاط الاتفاق والتقارب ليتعرف المسيحيون والمسلمون معًا على ما هو مشترك بينهم، وذلك منذ صغرهم ونعومة أظفارهم، فلا يأسرهم أى فريق أو طائفة أو جماعة فى ظلمات الجهل والوهم.
لذا فالتنوير هو الحل – خاصة للأطفال وللناشئين من الفتيان والفتيات – وذلك بتقديم صورة مبسطة عن المسيحية والإسلام ليتعرف على جوهرهما بطريقة علمية كل من يجهلهما إذا كان ممن لم يتعلموا وهم أطفال سواء فى البيت أو فى الكنيسة أو فى المسجد أو فى المدرسة (ما هو علم الدين – وما هى الأديان العالمية – وما يحتويه كل دين من دعوة للقيم والمبادئ والأخلاق)، إن الغالبية العظمى للأسف فى بلادنا العربية لم يتلقوا مبادئ هذا العلم – علم الدين– ومن ثمَّ لم يتعرفوا على كل دين على حدة من أفواه المؤمنين به وهذا أمرٌ ضرورى لتقديمه بصورة صحيحة وواضحة بلا تشويه أو تزييف أو تحريف.
إن السبيل الوحيد للتخلص من التعصب والتطرف هو رفع راية التنوير خاصة فى هذه الآونة التى يضج فيها العالم بالصراعات والحروب حتى تحولت بعض المناطق فى العالم مثل منطقتنا العربية إلى وكرٍ للتخريب والتدمير فكادت أن تنمحى معالم الحضارات القديمة ويختفى إلى الأبد تراث الأقدمين التليد، بل وأضحى السلام عزيزًا وأمست الحرية مطلبًا مستحيلاً.
ولنبدأ جميعًا عامنا هذا بالتراحم.. ولنترك العنان لشمس تلك الفضيلة كى تنبعث من قلوبنا إلى العالم أجمع، وتنعكس فى سلوكياتنا فى كل يومٍ وليلة.