لم أعرفه أو أميز شكله حتى تقدم نحوي.. مد يده ليلقى التحية فمددت يدى وعلى وجهى ملامح الحيرة.. ظننته أحد العملاء اللذين تعاملت معهم على مدار سنوات من العمل أو ربما صديق مشترك بين أحد الأصدقاء ونكون قد تقابلنا من قبل، وبينما كانت تبدو ملامح الحيرة على وجهى واضحة ولم أتكبد عناء إخفائها؛ جاء صوته، وتغير كل شئ.. لكن صوته لم يتغير يمكننى أن أميزه رغم كل هذه السنوات.. كيف تغيرت ملامحك أيها الوغد الوسيم!.. ماذا فعلت بك الأيام يا من ملكت قلبى يوماً كيف أخذت سواد شعرك و أعطتك شعراً أبيض أخفى سواد قلبك، وقسوته..
لماذا تظهر فى حياتى مرة اخرى!.. كنت أقسم أننى إن رأيته فسأصرخ فى وجهه وأسأله: لماذا تركنى بدون سبب!.. ماذا أعطته هى ليتركني!.. يستحيل أن تكون أحبته أكثر!.. لم يحبك أحد فى هذا الكون مثلى يا أحمق..أحببتك وسع السماوات والأرض، وعمق البحر، وعدد المجرات ولكن يبقى "أحببتك" فعل ماضي!.. عندما تكلم أخرجنى من فجوة تفكيري.. رددت رداً رسمياً.. سؤالاً عن الأحوال، الدنيا، والعمل.. تحدث عن كم إشتاق لى وأن لا أحد يملأ الفراغ الذى تركته أنا..لم أشعر بشئ مع كل هذه الإطراءات التى كانت فى الماضى تخلق لى من الكون فقاعة من السعادة أعيش بها وحدي، وأنا أسمع كلماته وترتفع بى إلى أعلى السماوات، ولكن ماذا جنيت أنا منها عندما أنزلنى الى أسفل السافلين بكلماته، وعندما تركني!.. لم أشعر أيضاً فى رغبة للصراخ بوجهه أو ربما البكاء أو إلقاء الأسئلة التى لطالما وددت أن أسأله عنها!.. لم أشعر بشئ أبداً..
قال أنه يود أن يعاود الإتصال، وترك لى رقمه ورحل.. لم أتكبد عناء النظر إلى رقمه الملقى على ورقة بالطاولة بل أكملت قهوتى ورحلت وتناسيته مثلما كنت قبل أن أراه.. كأنه لم يظهر فى حياتى يوماً.. كأننى لم أعشقه بأدق تفاصيله يوماً، وكأننا يوماً لم نلتقى بل كأن نون الجمع لم تخلق حتى لتجمعنا؛ فقد استغنى هو منذ سنوات طويلة، والآن أنا عنه أغنى.