بسم الله الرحمن الرحيم (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض) صدق الله العظيم.. نعم فقد بهتت اليوم وجوه واصفرت وجوه، وأخرست ألسنة وأفواه وأبواق عفنة، إلا من بعض الإفك الذى أدمنوه وتسريبات الوشاية والنميمة التى انتهجوها.
اليوم وبجسر الملك سلمان الذى سيربط جنوب سيناء بشمال المملكة، أو لنقل سيربط أرض الحرمين بمصر الكنانة، أو بالأحرى مشرق العربى بمغربه، ولأول مرة ربطاً حقيقياً وجسراً لا يستغرق المرور فوقه، سوى دقائق ذهاباً وجيئة، بدل من وقت وليل ومسافات تشبه الدوران حول رأس الرجاء الصالح ! وبيننا وفى متناولنا وعلى مرمى حجر منا وأمام أعيننا المشهد الواضح الذى لا يبتعد ولا يحتاج فقط إلا إلى إرادة، وعزيمة وقرار من أعلى قمة الهرم فى كلا الدولتين والشعبين، وهذا ما تحقق اليوم أو وضع حد لانتظاره، ومن خلال الإرادة الحرة الواعية، والحكيمة لكل من القائدين السيسى وسلمان.
ولأننى استهليت حديثى بالأية الكريمة ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ) نعم فلأن اللغو والتسريبات والإفك والكذب والنميمة التى مارسها البعض ضد تطور العلاقات بين أبناء الأمة الواحدة والشعب الواحد، كانت قد قطعت شوطاً نعم ولكن سيذهب كل الإفك واللغو والتسريب إلى مكانه الطبيعى، وستبقى الحقائق وما يمكث فى الأرض، وعلى أرض الواقع، وكما فى جسر الملك سلمان، وحسناً ما فعله الرئيس لقائد السيسى عندما بادر بتسميته (جسر الملك سلمان) ذلك هو الوفاء، وذلك هو العرفان بما يتوجب الوفاء.
ولأننى استهليت بالآية الكريمة ( فما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ) نعم، فالزمن، والتاريخ يشهد أن مملكة البحرين وكمثال بتمسكها بعروبتها وأصالتها، برغم الماء والحصار من كل جانب، لكونها جزيرة أو أرخبيلاً فى قلب الماء، ولكنها ورغم ما يشبه الاغتراب ! تماسكت وظلت، ولكن إلى متى تقاوم المتربصون بعروبتها وخليجها العربى العروبى ؟ فكان القرار الشجاع والحكيم من خادم الحرمين الشريفين آنذاك الملك فهد رحمه الله، وشقيقه الراحل عيسى بن سلمان أل خليفة ملك أو أمير البحرين السابق طيب الله ثراه هو الأخر، إذ قاما بتدشين وإنشاء جسر الملك فهد الذى ربط مملكة البحرين بشرق المملكة العربية السعودية، وبعروبتها، وأشقائها فى الخليج، ذلك هو الذى تبقى، وذلك هو الذى يمكث فى الأرض وينفع الناس، أما ما دون ذلك من لغو وغثاء ونميمة ووشاية ودق للأسافين، فكل ذلك يذهب أو ذهب أدراج الرياح.
اليوم يسير السيسى وسلمان، على نفس خطى العظماء فهد، وعيسى، وفيصل، وزايد وعبد الناصر، وسالم الصباح وراشد المكتوم، وبومدين، وكل من لم يتغير من عروبتهم وتمسكهم وأصالتهم وعزتهم شيء، برغم تكالب قوى مضادة كثيرة وطابور خامس، إلا أن كل ممن ذكرنا، وغيرهم كثيرون من أبناء الأمة فى عالمنا العربى، لا شك يحتاجون لقيادة رشيدة كتلك، ورؤية كتلك، وعمل شجاع كهذا لا يلتفت لشيء إلا المصلحة الحقيقية ويقتدى بهم الناس.
فى أوربا، أو لنقل بين فرنسا وبريطانيا تحديداً نفق المانش تحت الماء والبحر ولمسافة 40 كيلوا متراً النفق الذى يربط الدولتين أو لنقل الأمبراطوريتين المختلفتين وتحاربتا كثيراً وطويلاً واختلفوا فى كل شيء، لذلك فالعروبة ومصر والمملكة ليس بكثير عليهما جسر وكوبرى وهما اللتان لا يربط بينهما سوى الوشائج والقربى والمصاهرة والدين واللغة والجغرافيا والتاريخ وترتكز فوقهما ومن خلالهما قواعد وأسس وبنيان هذه الأمة.
لا شك هى صفحة جديدة وتاريخ جديد يسطر، حتى من رحم الأحداث القاسية فى المنطقة ! وزمن التخندق والتحزب والنميمة، وفوق ما خلفته أو خلفه ركام أسود وأيام سود عاشها العرب تسمى زوراً وبهتاناً ( بالربيع العربى ) جاء بجماعات بغيضة ! ويحسب للمملكة بالذات، أنها فطنت ومنذ البداية، مع شرفاء هذه الأمة، أن المسألة لا تعدو كونها مؤامرة تهدم أكثر مما تبنى وتفرق أكثر مما تجمع، ولم تحيد عن موقفها هذا، ويحسب لمصر أيضاً، أنها ساعدت المملكة فى ذلك قبل أن تساعد نفسها ! بنفض غبار ما لحق بأرض الكنانة من صدأ وأذى وتخريب، أما لماذا قلت أن مصر ساعدت المملكة فى ذلك ؟ نعم فلأن المتربصون بالمملكة وقيادتها وشعبها وبالحرمين حتى ! أكثر من المتربصون بمصر ! وهم من ( الفصيل كذلك ) ومن يستهدف مصر حقيقة يكون قد استهدف المملكة والعكس، ولذلك فالمصير واحد، ودعم المملكة لمصر لم يأت من فراغ، أو زيارة للعاهل السعودى لمصر وقضاء خمسة أيام يستجم فيها ثم يعود لا بل بدأ بالزحام وبالحر وبقلب القاهرة التى لا تصلح للإستجمام بل للعمل، إذن الزيارة تأتى رداً على كل الأبواق والتسريبات العفنة، والنميمة التى انتهجت، وكان القصد منها تلويث الأجواء وتعكير الماء بين القاهرة والرياض، فإذا بوجوههم هى العكرة، وما حدث خلال الزيارة هو أكبر صفعة على تلك الوجوه والأبواق.
حمى الله مصر والمملكة وقيادتيهما وشعبهما الواحد (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض) صدق الله العظيم.