يذكرنى المشهد الحالى القائم على الساحة السياسية فى العراق بقصيدة للشاعر المناضل محمود درويش .. القصيدة تحمل عنوان "سقط القناع".
ويبدأ فى مطلعها .. بسقط القناع .. لا أخوة لك يا أخى لا أصدقاء ولا قلاع، واليوم يبدوا أن الحمل الوديع قد أسقط قناعه الزائف، معربا وبكل وقاحة بتحركات عسكرية شمال شرق سوريا .. زحفا بريا شرق نهر الفرات.
وإذا بحثت معى أعتقد أنك ستجد كلمة السر وراء هذا التحرك إنها وبكل بساطة يا سادة (الأكراد)، إنها فعليا وراء أى تحرك جدى لتركيا بالمنطقة على مر التاريخ وكأنها بمثابت البعبع لها .. فما أشبه اليوم بالبارحة كنا نسمع وهو ما لا يخفى على العالم أجمع بالأحداث التى كانت تدور بين حزب العمال الكردستانى، وسعى الأخيرة لإقامة دولة منفصلة، واليوم تركيا تشعر بالقلق من تلك المحاولات المستمرة من قبل الأكراد على أراضى سوريا (رأس العين، تل أبيض، القامشلى..
وغيرها)، يقال إنها تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.. وربما تحرك تركيا لشعورها بجدية الخطوة فى تلك المرحلة بمساندة قوات أمريكية قيل إنها ترتدى زيا يحمل الشعار الكردى.
ولعل النظام والمنهجية التى تسير عليها الدول جمعاء فى هذه الفترة أن تلصق كلمة الإرهاب .. بكل الكيانات التى تحاول أن تقدم خطوة واحدة نحو أن يعترف بذاتيتها، طلما أن خطوتها تلك تزعزع استقرارها وتهدد سطوتها وذلك على حد اعتقادهم .. فالأمر فى النهاية يتعلق بانفراد السلطة والهيمنة وزرع بذور الخوف فى نفوس المحيطين، يصور لهم أن الدول تكسب احترمها بذلك، والمثير للشفقة أن الأمر لم يعد يتعلق فقط بالكيانات لكنه تعدى إلى إلقاء التهم بين الدول على إنها داعمة للإرهاب.
هذا هو المفتاح والحل الأخير لبوابة انتهاك الحريات والتدخل فى الشئون الداخلية واستباحة إثارة الفوضى وسفك دماء المدنيين الأبرياء بدافع الحماية والحفاظ على مكتسبات الحرية والعدالة .. تلك الكلمات الرنانة التى نسمعها دائما ولا تحمل فى طياتها إلا خداع النفس البشرية وقناع متجرد من الإنسانية .. فقط لتستمتع بموتك بنفسًا راضية.
وبالحديث عن المنظمات الدولية المعنية والتى أصبح دورها غير ملموس بالمرة فيما يحدث على الساحة السياسة، والذى يحمل شبه تمرير المواقف حسب توجهات الدول، على عكس المنتظر اتخاذه لمواجهة العنف الذى يلحق بالشعوب .. فقط فرض العقوبات وبعض الكلمات التى تمثل إدانه وشجب فى بيان رسمى .. ولا عزاء للأبرياء.
إن ما يحدث فى العالم الآن لا يتحمل نتيجتة إلا الإنسان العادى والذى تعد أقصى طموحاته أن يعيش بسلام .. بشكل يحفظ له آداميته.
لا الدين ولا الجنس ولا اللون ولا الهوية ولا الثقافة أو حتى المعتقد يبيح أن يُستخدموا كنافذة لممارسة العنف والاضطهاد.
إن دماء الأبرياء التى تسقى تراب هذه الأوطان ستنبت يومًا ما أغلالاً تكبل أعناق ساستهم وتخنق الظلم لأجل أن تعود أرواحهم إلى السماء بسلام.
الروهينجا فى مينمار.. و الإيغور فى الصين.. وشعب كشمير المشتت بين تقسيماته الثلاثة.. وفلسطين المحتلة.. نزاع الحوثيين فى اليمن.. احتجاجات العراق.. المظاهرات فى أوروبا.. تهجير اللاجئين فى أمريكا.. وشتات السوريين بين بلدان العالم، كل تلك الأمور المشترك بينها هو الإنسان ضحية السلطة.
إن نَفير الفوضى يملأ العالم وطبول الحرب يسمع ضجيجها فى كل الأرجاء، وأدخنة الدمار يُرى آثرها تتصاعد فى السماء عاليه وتملئُها غيومًا غاضبة ونيرانًا مشتعلة.. ستحرق كل من يسعى إليها وحتى كل من يتجنب لهيبها.