سألني شخص مُقرب إلى نفسي، هل من حق الإنسان أن يحلُم كيفما يشاء؟ فأجبته بوضوح وثقة، بأنني أحلم طيلة الوقت، حتى وأنا وسط جموع الناس، لا أدع الحُلم أن يتركني، فالأحلام هي الثروة اللامتناهية للإنسان، فهي لا تخضع لأحكام الإرث، ولا لقواعد الشرع، ولا لنصوص القانون، فهي غير محكومة، مُطلقة حرة، مُتجردة من كل شيء، تهيم كيف تشاء، وأينما تشاء، ووقتما تشاء، تأخذ الروح، وتطير بها في أعلى الآفاق، بلا قيود، لا تعبأ بالآخرين، ولا ترى سوى ما تُريد، أحيانًا تسير، وتارةً تطير، لكنها لا تركن أبدًا إلى الركود، ولا تنساق خلف سطوة الغير، فهي تأخذ تعليماتها من وجدان صاحبها فقط، تذهب معه إلى أقصى درجات الخيال، غير عابئة بالعالم المُحيط، فهي لا تنظر إليه، أو تهتم به، لأنه من وجهه نظرها ضعيف، ومُنساق، وبلا إرادة، على العكس منها تمامًا، فهي مُتحررة، تنظر للأمور بعيون خاصة، ووجدان حالم، لا يقف أمامه أي جدار أو حائل.
أظن أن الانسان لو تفكر بروية، سيُدرك أن أحلامه باتت أقوى منه، فهي تُحلق في سماء خيالها، ولا يُوجد سقف أو حدود لها، على العكس من الإنسان الذي تُوقفه القُيود، وتتحكم فيه القواعد، فلا يجد مناصًا إلا في أحلامه، التي تُخرجه من زنزانة الواقع المرير، فهي تُخرجه من أعماق البحر الغريق، لتطفو به على سطح الخيال الجميل.
فلو أردت أن تعيش وتستمتع بحياتك، فلا تكبح جماح أحلامك، ولا تقف حائلاً دونها، بل اترك لها العنان، ودعها تسبح في بحر آمالها، ولا شك أن أقوى البشر هو من ينجح في تحويل أحلامه إلى واقع ملموس، فهنا سيكون قد نجح في أن يُحقق المعادلة الصعبة، وهي الاستمتاع بالواقع والخيال على السواء، وهذا هو قمة التوازن النفسي والإنساني.