كان نابليون بونابرت وهو في منفاه بجزيرة سانت هيلانة يقول: إنني لم أذق في حياتي السعادة الحقة ستة أيام سويا رغم أنه وصل إلى أقصى ما يطمع إليه إنسان من المجد والجاه والسلطان، وعلى النقيض فإن هيلين كيللر العمياء الصماء البكماء كانت تقول، لقد استمتعت بمباهج الحياة ونعمت بجمالها. وهذا يؤكد أنه مأمن شىء على الإطلاق بسعة أن يمنحك الراحة والاطمئنان سوى نفسك، ولا تظن بأن تحقيق الثراء المالي أو عودة الحبيب الغائب أو شفاء مريض عزيز عليك أو الوصول إلى قمة الشهرة أو بلوغ النجاح في العمل أو أي عامل من العوامل الخارجية يبعث السرور في نفسك، فتحسب ان الحياة السعيدة قد واتتك أخيرا.
لا تتمادي في هذا الظن، فلا شىء يمكنه أن يجلب لك السعادة الحقة إلا نفسك. وقد يبدو أن إزالة الأفكار الخاطئة من العقل أجدى بكثير من إزالة أورام الجسد فالأعصاب المتوترة والضغط الداخلي كفيلان بأن بتمكين الأمراض العضوية من أقوى الأجسام. لأن الخطر الحقيقي يكمن في عجز المرء عن الملاءمة بين نفسه، ومطالب الحياة أو مشكلاتها. إن المرء لا تضيره الحوادث والملمات بقدر ما يضيره تقديره لها وصبره عليها ورضائه بما كتبه الله عليه. عجبا لأمر المسلم أن اصابته سراء شكر فكان خير له وأن اصابته ضراء صبر فكان خير له وكما يقول الإمام الشافعي دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسا إذا حكم القضاء ولا تجزع لحادثة الليالي .. فما لحوادث الدنيا بقاء..
اتمنى مع بدء العام الجديد إلا نكون ضحايا للتوتر والقلق وأن ندرك الحقائق جيدا حتى لا نقع فريسة لمخاوفنا وأوهامنا .