هو إحنا كنا ضيعناكم قبل كده علشان نضيعكم دلوقت. كانت تلك الكلمات هى رد الرئيس عبد الفتاح السيسى على تخوفات البعض من مشكلة بناء سد النهضة الإثيوبى وتأثيره على مجرى نهر النيل وحصة مصر المائية المستقبلية.
كلمات كانت تحمل بين طياتها العديد من رسائل الاطمئنان والثقة والحرص على مصالح الوطن من رجل عندما يتحدث يزن كلماته جيداً، خصوصاً لو تعلق الأمر بالأمن القومى المصرى، وقد كنت أظن ومثلى الكثيرون من أبناء هذا الشعب أن الرسالة وصلت للجميع بعد تلك الكلمات... ومفادها (لاتقلقوا).
وهى بحق وصلت ولكنها وكما تصل لأبناء مصر تصل أيضاً لأعدائها ومن يتربصون بها خارجياً وأذرعهم داخل البلاد، وذلك ضمن ما اصطلح عليه بحروب الجيل الرابع ودون الدخول فى تفاصيلها المعروفة للجميع، ولكنى أقف فقط عند تنوعها وتلاعب تلك الأساليب فى استغلال كل ما هو متوافر من أحداث أو تداعيات على الصعيد المحلى أو العربى أو الدولى واستثماره فى إثارة الرأى العام المصرى وتأليبه ضد قياداته السياسية.. ولما لا والهدف دائما نصبَ أعينهم ولسان حالهم طوال الوقت.... "نحن هنا".
وجاءت زيارة العاهل السعودى مصر جلالة الملك سلمان وما صاحبها من ترحيب من كافة مؤسسات الدولة السياسية والدينية بجناحيها فى مشهد يعكسُ صورة مصر الأصيلة والكبيرة دائما.. وكذلك توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية العملاقة بين البلدين فى مجالات عدة، كما شاهدنا جميعا.
ولكن هيهات تخرج أذرع هؤلاء ومن يحركونهم لتفند بالحجج والبراهين الواهية موضوع تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وأن مصر تنازلت عنهم وكأننا فى اللا دولة أو مع قيادات مغيبة لا تدرك تبعات أو حقائق الأمور، بل وتنتظر كلام هؤلاء لتعرف مصلحة البلاد والعباد فى مشهد هزلى مبتذل من مرشح رئاسى سابق جاء فى المركز الثالث بعد الأصوات الباطلة وآخر حالم، بل "راشق" فى أى مصلحة وخلاص وينساق حولهم البعض من غير الفاهمين أو الناقمين على القيادة السياسية تحت ستار وزعم (وسع يا عم إحنا المعارضة) وبكل تخطيط تصحبه ظاهريا بعض من ذكاء هؤلاء التابعين والمنساقين وراء تلك الهجمات الشرسة تجاه الدولة المصرية، ولكنه يحمل فى تفصيلاته غباء يفُوق ما كان عليه أسلافهم السابقون من الإخوان والنشطاء.
وما بين هذا وذاك تبرُز فطنه وذكاء المصريين فى تفنيد تلك الادعاءات بقليل من التفكير والتريُث ليدرك أن هناك قيادة سياسية قادمة من خلفية عسكرية ومخابراتية يقود البلاد ويعاونه أجهزة أمن قومى على مستوى من الكفاءة والوطنية قبل الحرفية والمهنية فى الأداء والأمانة فى عملهم.
بل ويخرج علينا الرئيس بنفسه ليوضح للقاصى والدانى تلك الدلالات والتأكيدات التى هى بالأساس محفورة فى قلوب كل مصرى واع مدرك لحقائق، ولكنه يخاطب تلك الفئة من بين كلماته ليقول لهم لن نترككم تتلاعبون بعقول بعض البسطاء من أبناء هذا الوطن ويؤكد أيضا نفس المعنى الواضح والضمنى الذى تحدث عنه من قبل فى مشكلة سد النهضة الإثيوبى.
ولكن هؤلاء يريدون أن تكون أسرار الأمن القومى المصرى على الملأ أمام الجميع وكأنها ميزانية "محل بقالة" ولا فى ثقه فى أى قيادة وهو ما يريدون بثه فى وجدان المصريين من خلال مخططاتهم الشيطانية فشعارهم الدائم هو "خُلقنا لنعترض" ونحن فقط من نعرف الحقائق دون مخابرات أو خارجية أو جيش وطنى أو قيادة سياسية قوية وحكيمة وطويلة البال.
عزيزى المواطن المصرى كان هناك برنامج مسابقات متميز تقدمه الإعلامية الكبيرة نجوى إبراهيم فى ثمانينات القرن الماضى بعنوان "فكر ثوانى تكسب دقايق"، وهو خلاصه ما أدعوك له... فكر ثوانى تكسب بلدك ولا تدع تلك الموجات الموجهة لهدمك تتلاعب بك وبمصير بلدك بادعاءات ساذجة وسطحية عن بيع أو تفريط أو تنازل عن حبة تراب من هذا الوطن.. إن غدا لناظره لقريب.. لتحيا مصر رُغم أنف الجميع.