يتم تقييم الشعوب من خلال أمثلتها الشعبية، وهناك كتب تحوى الأمثال والحكم لكل شعب فى كل حقبة من الزمن تمر به، وكان آباؤنا وأمهاتنا يستخدمون عبارة "على رأى المثل يابنى" ثم يتم سرد بعض الأمثال التى تعضد بها الرأي.
وعندما استعمرت مجتمعاتنا من قوى الاستعمار المختلفة استشعروا خطورة الأمثال والحكم التى كانت ترسخ المبادئ والقيم وتعضد من روح التضامن، وبدأوا بث ثقافة الإحباط فى المجتمع ليصنع نماذج بشرية بائسة وفاقدة الثقة فى امكانياتها وقدراتها ناقمة على وضعها.
من هنا بدأوا تبديل المفاهيم، بمعنى أن يحول الخطأ لصح والصح لخطأ وضرب الرموز بالمجتمع، سواء فى حيز الأسرة مثال الأب والأم والسخرية منهم والتطاول عليهم أو السخرية من الرموز الدينية وغيرها.
وبدأوا العمل على هذا ثم جاءوا بما يسمى الشخص المجادل ودعموه ليتم الدفاع عن الخطأ وترسيخه فى العقول والأذهان، وكانت هذه هى البداية لتفكيك المجتمع ليغلب عليه روح السلبية والميوعة وعدم الانتماء.
فى هذا السياق أورد لحضراتكم نموذجا فيما مضى والآن على أيدى شخصيات تتمتع بالجهل، وإن كان ظاهرها غير ذلك ليتم الخداع.
لو أخذنا المثال الأول نبدأ بـ "الصاحب والصديق" ففى السابق يقال [خد لك من كل بلد صاحب] أو يقال [إن أردت صديقا بلا عيوب عشت ولا أصدقاء لك].
ففى الأول يحث على اتخاذ صاحب من باب الألفة والمؤانسة وفى الثانى تم تأهيلك أن النفس البشرية غير مكتملة ويجب أن تتقبل الآخر على وضعه، طالما العيب بسيط أو لا يغضب الله، بالتالى سيتقبلك الآخر فأنت أيضا لست خاليا من العيوب، فكان التسامح والصفح وتقبل الآخر بالشكل الذى كان يولد الطمأنينة والثقة فكان المجتمع آمنا سالما.
أما الآن فنجد ما يتردد بشعبيات غنائية "مفيش صاحب بيتصاحب مفيش راجل بقى راجل"، هنا نجد ضرب الصداقة والرجولة فى مقتل ووضعت فى قالب غنائى لتترسخ الفكرة فى الأذهان بل وتنتشر بسرعة، فظهر المسخ الذى نراه الآن ونتج عن هذا مجتمع الكل فيه مترقب الغدر والخيانة من الآخر مع فقد الثقة، وتم تغذية هذا ودعمه بأفلام ومسلسلات أكدت الفكرة ورسختها بالعقول.
أخلصوا لله النية وأصلحوا ذات بينكم وتمسكوا بالمولى عز وجل وطبقوا تعاليم الدين ووصايا الرسول الكريم لنعود لما كنا عليه من أخلاق
فى المقالة التالية سنتحدث عن النوايا واستخدامها لضرب الدين وقولبته وتجويفة وتجريف المجتمع من قيمه.