في الفترة الأخيرة اكتشفت أهمية عبادة التأمل وكم هي عبادة عظيمة ولكنها مهملة، التأمل في خلق الله فأذهب أتأمل البحر وأسمع صوته وأناجيه وأستمتع برذاذة على وجهي وكأنه يبادلني مناجاتي ويسمعني. أتـأمل النجوم والسماء والسحاب التي تتشكل على هيئة رسومات وكلمات أقرؤها على أنها رسالة لي.
وبينما أنا كذلك إذا بي أرى طفلا لا يكاد عمره يتجاوز العام والنصف سقط منه شىء على الأرض فثنى ركبتيه ونزل وظهره مستقيم في حركة صحيحة تماما لا تؤثر على عموده الفقري، فتعجبت من فطرته السليمة وتصرفه الصحيح الذي ينصح به جميع أطباء العظام ومتخصصي العلاج الطبيعي .
وكان يصرخ ويضحك سعيدا جدا بصوت عالٍ غير مبالٍ بمن حوله من الناس لا يقيم لهم وزنا ولا يتأثر ولا يخجل من وجودهم . هو عبر عن فرحته وعن نفسه دون أن يرى نفسه في عيون الناس وتقييمهم له. فعلمني درسا آخر وأبهرتني فطرته السليمة مرة أخرى.
ليأتي الدرس الأخير، حيث أراد شيئا من والدته فصمم وبكى وصرخ وترجى حتى حصل عليه. إنها المثابرة والإصرار على تحقيق هدفه فهو حقق ما يريد وأصر على ذلك ولم يهنأ له بال حتى حصل عليه. ليعطيني درسا آخر في الشغف والإصرار والوصول الى هدفك.
فتأملت تلك الفطرة السليمة الحرة التي خلقنا الله عليها. وتحسرت على ما فعلته بنا السنين والايام وآراء الناس والانتقادات والخذلان والخجل والكسل واللاهدف والاحباط الذي يصيبنا سريعا وفقدان الثقة والاهتمام لأراء المحبطين من الناس، فتمنيت أن أكون طفلا . لا في الروح والقلب والضحكة الصافية فقط بل في فطرته السليمة وفي شغفة وفي مثابرته على تحقيق هدفه . وفي عظمة خلق الله التي شوهناها نحن الأغبياء.