البعض يظل عمره كاملا يبحث عن الراحة ويموت ولا يصل لها، نفني من الأيام كثيرًا بحثًا عن الراحة، ننغمس في العمل بحثًا عنها علنا ننشغل به ونجد الراحة ولا نجدها، ولكن المعضلة تكمن في شخص الإنسان وليس إيجاد الراحة؛ فالإنسان لا يهتم بالقريب، باليسير، ولكن بالصعب.
فالإنسان يحسب أن الراحة لا يمكن أن تأتي بيسر، فيظل يرهق ذاته في متاهات وتراهات ودروب البحث عنها، رُغم أنها بين جنبيه. يسير أن يجدها، وبقليل من الجهد؛ فقط ينفض الغبار عن مضغة في يسار أضلعه؛ إذا صلحت صلُحَ الجسد كله. أجل المعضلة تكمن في تلك المضغة، أجل القوة تكمن فيها، الراحة النفسية والبدنية تكمن بها؛ أنت من أرهقت، وترهق ذاتك، وسترهق ذاتك ما دمت تهتم بمظهرك أكثر من تلك المغضة؛ فبعضهم برَّاق من الخارج وصدئ متفحم من داخل؛ فلا تجده جميل؛ فلا جمال سوى جمال الروح، ذاك الذي منبعه تلك المغضة الكامنة في أضلعك اليسرى. بغض، وحقد، وحمل سوء من ذاك وتلك، وهذه، وهذا، ورغبة في الانتقام من حجر الأرض حتى؛ هل تظن أن تجد راحة وتلك المغضة مليئة بهذا؟! لا والله لن تجدها ولو أمتلكت من المال مال قاورن، ومن الجمال جمال الملائكة، ومن الملك ملك الأرض كلها؛ لن ترتاح أبدًا إلا أن تمسك هذه المغضة وتطهر كما تطهر جروح تخشى أن تحمل جراثيم فتؤلمك وتؤذيك، وتُجمالها كما تجَمل مظهرك في يوم هام هنا تجد الراحة.
وكما تعلم يا صديقي أن تلك المغضة هامة جدا في العبادة؛ فالله ينظر للقلوب وليس للمظهر، كما أنه يجب أن تحب الله، تتساءلل أولست أحب الله؟! أجيبك بلا؛ فحب الله لا يجتمع في قلب يحمل حقد وبغض وأمور تضيق مساحة طهره، حب الله لا يمكث إلا في قلب طاهر؛ فاطهر قلب ليمكث فيه ذلك الحب، ف والله لو أحببت الله بحق طاهر لهانت في عينك الدنيا. اللهم طهر قلوبنا لتليق بحبك.
هيا يا رفيق انفض عن قلبك ما يُغْبّره من أمور الدنيا، واقبل على الدنيا بسلام وقلب طاهر لا يحمل سوء لأحد.
دمتم سالمين.