فى إحدى الليالى الدافئة الممتزجة بالمطر البسيط -أشبه بقطرات الندى - كنت أعتاد الوقوف أمام النافذة، ومع هطول المطر ترتعش يدى قليلا وأنصت لوهلة لكي أسمع تلك الدقات الصغيرة التي يصدرها قلبي، وسرعان ما تتحول الدقات لعزف بإضافة دقة المطر علي وجهي، وعيني التي لم ترى كيف يسقط المطر فقط كنت أشعر دون أن أرى.
لم أكن أعلم أن فقد البصر أعطاني شعورا آخر غير أي شعور يشعر به الإنسان، فأنا أري كل شىء ليس بالعين فقط بالقلب، وأبني عالما مختلفا من شعوري وتخيلاتي علي تلك البقعة السمراء الكبيرة التي لا يتخللها أي شعاع من الضوء، أجاهد دائما في أن ألونها بألواني التي أسمع عنها فقط ولم أراها من قبل، فسمعت أسماء الكثير من الألوان ولكن لا يوما أدركت كيف يكون اللون هذا أو ذاك، فقد كنت وحدي ف تلك البقعة السمراء مع ألواني التي لا تشبه ألوان ولا أسماء ألوان العالم، فقط كنت أنا.. كنت نفسي دائما عن دون العالم.
فلم أجد كلمات تحمل شعور قلبي، حقا لم يكن هناك شىء يصف ذلك.. نحن الذين لا نرى لكن دائما نشعر...