كما بدأنا أول مقال نكمله، فكما نعلم أن الأطفال ثروة واجب حسن بنائها، وحين البناء نضع نصب أعيننا المجتمع والأسرة والدين؛ فطفل اليوم فرد في المجتمع وغدا عليه واجب تجاهه، وابن اليوم هو رب الأسرة غدا، ومتعلم الدين اليوم هو معلمه غدا ومفهمه للناس، فضروري رعاية البنتة جدا وتهيئة الظروف كما يجب لها لتكون شجرة مثمرة تظل على مستظلها، وتُطعم الطواف عليها.
من أخطر الطرق في بناء مريض نفسى لا يثق في نفسه البتة؛ نعته بأسوء الالفاظ النفسية حين الخطأ، فإن أخطأ الطفل يُذم العمل لا الطفل؛ أي نقول اتساخ ملابسك سيئ، وليس أنت سيئ لأن ملابسك غير نظيفة، ولكن عملك هذا خطأ وسيئ وليس أنت، بل أنت يمكنك أن تكون جيدا حينما تنظف ملابسك وهكذا حينما يفشل في حل الواجب لا نقول فاشل، ولكنك اخطأت في هذا وواجب أن تصلح ما أخطأت لتظل جيدا.
من أهم الأسباب أيضا؛ إقحام الطفل في المشاكل الأسرية أو ما حوله فهذا يُحمل الطفل فوق طاقته ومتشائم وكئيب، وربما شكاء يُلقي المعضلات على كل الظروف فعقله في هذا الوقت يعجز عن إيجاد أسباب لهذا العناء وهذه المشاكل فيلقي السبب على الظروف وغيرها فيصبح ضعيف، خائر العزم، أو يتحمل المسئولية قبل أوانها فيُغر في ذاته فيرى الجميع أقل منه ويعيش في الجحيم ويُذيقه لمن حوله.
وأيضا؛ التعامل بالضرب منذ أول وهلة للخطأ؛ هذا يُنشئ طفل ضعيف للغاية، خائف لا يقدر على المواجهة، أو طفل جبار بمجرد أن تمس القوة جسده لا يرحم أحد، أولهم أهله يريهم ألوانا من العذاب يريد بهذا رد ما سلب منه في طفولته، ورد ما ذاقه، ولكن الصواب التعامل مع الطفل بالتحذير والتفاهم مرة وأخرى والثالثة يُضرب ضرب لا يؤذي ولا يترك علامة، ويُبعد عن الوجه فلا يُلطم فهذا أكرم ما بالإنسان وحينما يترجاك لتركه تتركه وخاصة لو ترجاك بالله فيعلم أن لأسم الله هيبة وجلالة، ويفضل أن يكون الضرب بعود رقيق ليس بالغليظ، ليتربى فيه الرحمة والإنسانية؛ فالضرب ما كان أسلوب تربية أبدا.
وأيضا؛ قلة التحدث والحديث مع الأطفال؛ فالطفولة مرحلة تكوين نبتة التفكير؛ فعلى حسب ما تتمنى أن يتكون تفكير ابنك حادثه فيه في فترة الطفولة، وهذا يُزيد من انتماء الطفل لك ولأسرته، فمن يتحدث أكثر ويسمع له يكن له الانتماء الأكبر.
أيضا؛ تهميش صوته حين التناقش في أمر بينكم؛ فواجبا لينشأ طفل يستطيع التعبير عن الرأي بلا خجل أو إحراج أن يكون له ولو رأي طفيف في اي نقاش عابر، ولكن يُراعى ألا يزيد عن الحد، فقط إعطاء فرصة للتعبير عن نفسه في رأيه واحترام فرصته في الحديث والاستماع له جيدا.
ولنا لقاء متجدد إن شاء رب العباد والبلاد.