خرج الشعب المصرى فى ثورتى يناير ويونيو حبا فى مصر وخوفا عليها، خرج الفقير، والمريض، والعاطل، والعامل، والفلاح، والموظف، وهؤلاء لم يطلبوا من الدولة ثمنا لخروجهم، فقد خرجوا حبا فى مصر وخوفا عليها، بعكس البعض من رجال الخطوة والحظوة والنخبة ومن أصحاب الصوت العالى الذين لا يجيدون سوى الصراخ، والذين خرجوا وحشدوا للا شىء إلا لمصالحهم الشخصية، فها هو أحدهم لا يكف عن الحديث بأنه هو الذى أمد المتظاهرين فى ثورة يناير بالبطاطين والخيام ومولدات الكهرباء، ثم بعد ذلك لم يحصل من الدولة على أى تسهيلات لزيادة استثماراته وتوسعة شركاته، وعليه فإن الدولة ناكرة للجميل وسيغادرها لبلد آخر، (يعنى شارك بالثورة لتزيد الثروة)، وبعض الذين عادوا الإخوان وحشدوا وخرجوا فى 30 يونيو يريدون المناصب ثمنا لمواقفهم البطولية، وكأن مواقفهم كانت مرهونة برغباتهم وطموحاتهم لتولى المناصب.. ليس إلا! ونقول لهؤلاء وهؤلاء: الوطن ليس كعكة تتقاسمونها ومصر فوق أى مصلحة شخصية وفوق أى طموح شخصى، إن أفعال هؤلاء الآن تقدح فى إخلاصهم وتؤكد سعيهم الحثيث للشهرة والمناصب، لقد انزلقوا إلى مزالق خطيرة ضاع فيها الإخلاص للوطن وذاب، ورأينا نتيجة تكالبهم على المناصب من مشاحنات ومخاصمات وتبادل للإتهامات والمحصلة حصادا مُرا وثمرا علقما، لقد دفعهم التكالب على المناصب إلى ذكر كثير من المحترمين الأفاضل بالنقائص والعيوب كى يتميزوا وحدهم بالكمال، إن المجتمع السليم لا يحتاج الناس فيه إلى تزكية أنفسهم بحثا عن المناصب والجاه، ولا يجوز الخلط بين طلبهم للمناصب وبين طلب سيدنا يوسف عليه السلام فهو نبى ابن نبى ابن نبى، والمسئولية التى طلبها لم تكن ترفا ولاجاها ولم يكن على وجه الأرض من هو أفضل منه لتولى هذا المنصب، وهذا فرق شاسع بينه وبين من أرادوا المنصب بطمع شخصى ومطمح دنيوى، يا سادة: انظروا إلى نواياكم ومقاصدكم، لماذا تريدون مكافأة من الدولة على وقوفكم مع بلدكم، لماذا تشتهون أن يُشار إليكم بالبنان وأنتم ومن بعدكم الطوفان، قال صلى الله عليه وسلم (ثلاثة يؤتى بهم يوم القيامة: قارئ، ومجاهد، ومتصدق، فيقول القارئ يارب قرأت القرآن من أجلك فيقول الله له: كذبت، ولكنك قرأت ليقول الناس عنك قارئ وقد قيل فيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النار، ويقول المجاهد يارب جاهدت فى سبيلك فيقول الله له كذبت جاهدت ليقال عنك جرىء وقد قيل، فيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النار، ويقول المتصدق تصدقت فى سبيلك فيقول الله له كذبت تصدقت ليقال عنك جواد فيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النار)، وقال بن عبد البر: حُب المناصب داء يحرق الدنيا ويجعل الحق حربا للمحبينا ، فاتقوا الله فى مصر وفى شعبها.