القارئة إيمان سمير تكتب: السعى نحو المثالية وتقليل قيمة الذات

المثالية الأخلاقية هل هى تبدو نعمة أم نقمة لصاحبها، وهل هى تجلب له السعادة الدائمة حقاً أم سوف تنقلب عليه؟ وهل السعى نحو الكمال يفقدنا احترام ذاتنا؟ كثير من الأسئلة التى تحتاج إلى المزيد من التأمل والتفكير ومن ثم المناقشة. تعد ماهيمة المثالية الأخلاقية هى "سعى الإنسان نحو الكمال الدائم فى كل شىء، والتنمق والتأمل والتدقيق الزائد عن الحد المسموح به من قبل الشخص فى تعاملاته مع الآخرين". وذلك لحصوله على المثالية الأخلاقية والكمال فى كل أفعاله فى نظر نفسه أولاً ونظر من حوله، وتحسين دائماً أفعاله وسلوكه بصورة لا تحمل تقبل فكرة الخطأ أبداً فى كل شىء يقوم بفعله الإنسان. ولكن عندما يحدث "الخطأ فى الأفعال"، غير المقصود حقاً، يؤدى ذلك إلى الشعور بعدم الرضا واللوم المستمر وتأنيب الضمير للنفس البشرية. - أصلح من ذاتك ومجدها. الإصلاح من الذات أمر ضرورى عندما يشعر الإنسان بأن هناك خطأ ما فى شخصيته أو هناك ما ينقص ذاته بشكل عام، فيجب على الإنسان أن يصلح من ذاته ويكمل ما بها من نقصان أو خطأ. ولكن الإصلاح بتحديد هدفه مع البقاء على الاحتفاظ بذاتك كما هى، لأن الهدف هو التغير للأصلح، وليس الهدم المطلق وتحقير الذات. ما أجمل أن تحتفظ بذاتك الأصلية مع تعديل السلبيات والتخلى عنها بلا عودة. عزيزى الباحث عن المثالية فى الأخلاق كن كما أنت ولا تكن صورة تشبة نفسك ثم مجد ذاتك وثق بها وكن فخوراً دوماً حتى ترضى عنها. - علينا أن نبقى على سجيتنا. لا ترهق ذاتك بالسعى نحو الكمال، أن السعى نحو الكمال الزائد عن الحد اللازم هو أرهاق للنفس البشرية، ومن ثم يؤدى إلى فقدنها لعدم حصول الإنسان على عكس رغبته سواء فى الإبقاء على ذاته الأصلية أو الهدف وهو الوصول إلى حد المثالية الأخلاقية المؤدية إلى الكمال فى جميع الأفعال، حيث إن هذا السعى المستميت من قبل الإنسان بشكل دائم يفقدنا أحترام ذاتنا، فقط لا تسعى نحو المثالية بإفراط أولاً فى نظر نفسك والآخرين، وتذكر أن صفة الكمال تعد شيئا عظيما لذلك فقد يتميز به الله وحده سبحانه وتعالى. ولكن علينا أن نتدبر هل إذا كانت الشخصية المثالية هل هى تسعى للمثالية فعلاً؟ وتسعى نحو الكمال والمثالية الأخلاقية من أجلها حقاً؟ أم هذا السعى يكون من أجل الحصول على النظرة المجتمعيه التى تكن كل الأحترام والأعجاب والتقدير لذلك الشخصية التى تسعى نحوها؟! هذا سؤال ولا اقصد بيه التعميم أبداً. حقيقى قد يتطلب السعى نحو الكمال يبقى أن تفعل كل فعل بحساب ولا تتصرف على طبيعتك وتمحو شخصيتك الذى خلقها الله سبحانه وتعالى لك، فإن ذلك السعى يمحو الشخصية الإنسانية ويضع مكانها شخصية مثالية مبرمجة فى جميع أفعالها لا تخطأ أبداً ولا ترتكب أى ذنوب. ولكن لكى نحكم على الأمور ونضعها فى نصبها الصحيح علينا أن نفهم أنفسنا جيداً ونتأملها ونعطى لها حقها الكامل فى حرية الأختيار والتصرف. - التنمق الغبائى. قرأت مقولة ذات يوماً هذه المقولة تقول: "كلما زاد إعاجبك بشخص ما كلما ما زادت نسبة غبائك فى التعامل معه"، ثم تأملتها قليلاً وتيقنت من مرادها واكتشفت أنها بنسبة كبيرة تكن صحيحة، ووصفها فى موضوعنا هذا حقيقى فإنك عندما تعطى لشىء أو لشخص اهتمام كبير وتفرط فى شدة التدقيق والترتيب فى التعامل معه، وأنك لابد أن تظهر له فى أبهى صورة لك وأفضل فعل ورد فعل لك عندما تقوم بالتعامل معه، وتأنب ضميرك عند الخطأ الغير مقصود من جانبك تجاه، فإن هذا التنمق الزائد عن حده يخلق نوع من التفكير الخالى من الطبيعية والتلقائية الصحية فى المعاملة بين الأفراد والأشياء، فى كل فعل وتصرف تقوم به، وذلك يؤدى حتماً إلى أفعال يملأها التركيز الشديد المقترن بالغباء، حيث إن الغباء هنا يأتى فى شكل البطىء والتردد فى بداية الأفعال من كثرة الأعطاء والحذر الزائد عن حده فى التعامل، وهذا قد يجعلك بطيئا فى ردت أفعالك ككل، فيصيبك الغباء ولهذا قد يتهمك الآخرين به. احترس من أن تبقى هكذا عزيزى الساعى نحو المثالية لا تكن منمق أكثر من اللازم، ولا تعطى للأشخاص والأشياء أكثر من حقها الطبيعى فى الحياة، حتى تصاب بالغباء فى التفكير والتعامل. - ولكن لا تلومنا على مثاليتنا. إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق النفس البشرية فقد خلقها ومن أنواعها أن تكن أمارة بالسوء، لذلك فإن الإنسان يوجد لديه نوع من النقصان والخطأ والتقصير ولا حرج فى ذلك، حيث إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الإنسان قد ميزه بنعمة العقل والإدراك، وهذا قد يجعله حر فى اختياراته وبالتالى ينعكس ذلك على أفعاله، فوقوع الإنسان فى الخطأ أو التقصير أمر طبيعى وليست مشكلة فى حد ذاتها وأنما المشكلة الاكبر حقاً هى عدم تقبله وعدم الأعتراف بهذا الخطأ والأستمرار فيه والمجادلة الكاذبة. فلا يوجد إنسان كامل فدع هذه الفكرة تسير فى مسارها الصحيح عزيزى الباحث عن الكمال، فإن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، ولكن هناك فرق فى السعى نحو الكمال وتطبيقه كما هو؛ وبين كون الإنسان محباً بطبعه للحياة ولمن حوله ويأمل دائماً إلى الخير فى أفعاله، وأنه لا يريد أن يفعل أى أخطاء أو يرتكب أى ذنوب فى حق نفسه أو مع الآخرين، ويسعى جاهداً لذلك بنية صافيه وصادقه، فإنه فى الأصل لا نوجه اللوم إذاً لهذا التفكير ولا للفكرة السعى نحو المثالية الأخلاقيه ولكن فى صورتها الصادقة السليمة المعتدلة من الشخص، ولكن يحب أن نعلم أن الأمر يكن صعب ومجهداً جداً عن حقيقة، وأنه قد يتطلب المزيد من العقلانية والنضوج الفكرى وعدم القاء اللوم على النفس وتأنيب الضمير عند التقصير، فإن الحفاظ فى حد ذاته على أننا نبقى بصورة إيجابيه جيدة وبصدق دائماً هذا أمر جميل ولكن الذى ليس بجميل هو هدم معنى ذاتنا وتأنيب ضميرنا وعدم الأعتراف بأخطائنا عندما نفعلها وأننا بشر نخطأ ونصيب. فإننا يجب أن نعلم أنه أمر مجهد حقاً وصعب أن نسعى نحول الكمال الخالى من الخطأ والنقصان، ولكن لنعطى لأنفسنا هدنة من جميع ماسبق، علينا أن نوسع دائرة فكرنا ومعرفتنا ونتقبل الأفكار المؤدية للحقيقه التى نجهلها أو نتغاضى عنها بإرادتنا ربما، ويكون سعينا الأكبر والأهم هو إدراكنا للأمور بشكل أفضل، وسعينا نحو الكمال بصورة سليمة تحمل تقبل فكرة عيوب النفس البشرية وطبيعتها. علينا أن نرتقى بأخلاقنا ونكون صادقين مع أنفسنا أولاً ونحبها، حيث تسود فكرة السلام الداخلى النفسى، فقد هذا السلام قد ينعكس فى معاملاتنا مع الآخرين حيث أن هذه الفكرة تجنبنا الوقوع فى أى خطأ بشكل عقلانى ومرن مع تقبل فكرة أن الخطأ أمر وارد وصحى ومفيد، مع أيضاً الحرص بالأحتفاظ بذاتنا الراقية وتمجيدها ذاتنا التى خلقها الله سبحانه وتعالى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;