دخلت التكنولوجيا الحديثة حيز التنفيذ، شعرنا بفرحة غامرة حيث إننا كجيل الثمانينات عانينا ضعف الوسائل التكنولوجية، تعلمنا ونحن فى الصفوف الأولى للتعليم أن التلوث أنواع، منها ما يعرف بالتلوث البيئي، انقسم منه لما هو سمعى وبصري، ولما كان هذا التلوث السمعى ينتج عن الضوضاء بفعل تلك الأصوات الناتجة عن أصوات السيارات بالشوارع المزدحمة وآلات تشغيل المصانع وضجيج أصوات الباعة فى الشوارع المتكدسة، لكن هذا التلوث زادته نقطة تضاف إلى مصادره ألا وهى تلك الأغانى القادمة فى عصر التكنولوجيا اسمها المهرجانات، معتمدة على اردأ خامات الأصوات لمن يظن أنه مطرب وفنان مع تقنية صوت حديثة، إضافة إلى كلمات قمة فى السخافة والرداءة تسبب انحطاطا فى الذوق العام وانعداما لمعايير الفن المصرى الأصيل الذى تسيدت به مصر طوال سنواتها للفن والثقافة فى العالم.
هذا التلوث كان لزاماً على الدولة التصدى له بكل قوة، فهذا الخطر يفتك بالمجتمع كما الإرهاب، بل هو إرهاب مستتر مقصده ضرب المجتمع فى قيمه وأصالته، ورغم ادعاء البعض أنه نوع من التجديد والإبداع، إلا أن تلك الادعاءات راحت هباء، فالإبداع يأتى ليبنى أفكارا جديدة تضاف إلى رصيد من سبق، لا أن تنسف الهرم الفنى والثقافى المتمثل فى شعرنا المصرى الذى تصدرت به مصر العصر الحديث، فعار على بلد أمير الشعراء أحمد شوقى وشاعر النيل حافظ إبراهيم وغيرهما من عمالقة الشعر أن يسمح فيها بنشر تلك التفاهات.
نضيف إلى هذا التلوث السمعي، تلوث بصرى مُترجم لسابقه من تلوث تمثل فى برامج مرئية ظهرت عبر تطبيقات الهاتف المحمول مثل برنامج التيك توك الذى تم رصد العديد والعديد من الجرائم المخلة بالشرف والتى تهدف إلى نسف كل القيم والعادات التى ارتكزت عليها الأسرة المصرية الأصيلة، بعرض الفتيات أنفسهن وكأننا بسوق الرقيق ولعب فيه تلك التطبيقات دور النخاس مع جواريه، وإذا كان للتكنولوجيا من دور هام ومفيد للبشرية ومن الضرورى تعظيم أوجه الاستفادة منه علميا ودينيا وثقافيا ومادياً إلا أن الأمر فى مجتمعنا يبدو مختلفاً، حيث إن هناك قلة مستفيدة من هذا الأمر، هؤلاء من لا يريدون لهذا الشعب خيراً، عازفين على وتر الرغبات المكبوتة لدى الشباب، مستغلين إهمال بعض الأسر لأبنائها، من هنا كان لا بد من دق ناقوس الخطر لينتبه الجميع وليأخذوا حذرهم من هذا الخطر القادم جراء الاستخدام السيئ لمثل هذا النوع من التكنولوجيا، وإبعاد أبنائنا وبناتنا من أمام هذا السيل من التلوث، داعين الله أن يحفظ الجميع وأن يثبت هذا الجيل ويلهمه العزيمة والإرادة لتحقيق طموح بلده ورفعة شأنها لتظل مصرنا دائماً وأبداً قمة فوق القمم وأمة سبقت كل الأمم.