تعيش بلادنا حالة تكاد تكون من العجب بحيث إنك يستحيل أن تجدها فى غيرها من بلاد العالم أجمع، هذه الحالة السائدة والمنتشرة بين أبنائها داخل حتى الأسرة الواحدة كفيلة أن تنهى حياة أمم فى أسرع وقت وتنهار معها أقوى الاقتصاديات.
هذه الحالة هى ما أستطيع أن أطلق عليها حالة الزراعة المتناحرة أو حالة الزراعة المعكوسة فهذه الحالة أن جاز تشبيهها باثنين يعيشون فى بيت واحد الأول يبنى ويزرع ويسعى ليعيشوا فى رغد ونماء والآخر يبذل جهدا قد يكون مضاعفا ولكن فى طمس وتشويه ما يزرع اخيه وفى اسدال التراب على ما يبنى وقد يقاسمه أو يزيد عليه من نصيب فى الارض والماء ولكن ليزرع شوكا فى طريق أخيه ذهابا وإيابا لا لسبب غير انه لا يريد أن ينجح أو أن يعلو له زرعا أو يظهر له جدارا فى بناء يبنيه.
هذه الحالة هى بالضبط ما يحدث فى مصر الآن منا من يزرع ويجتهد وينشر التفاؤل رغم مرارة الواقع والآخر يزرع ويجتهد ولكنه يزرع الشوك وينشر التشاؤم ويبشر بسواد الغد وكأنه يملك زمام أمره.
هذا الاخر الذى يبرع ويتفنن فى التقليل من كل انجاز وتفخيم كل عارض أو حتى خطأ ويتصيد ويهلل له يتنفس نفس الهواء ويشرب نفس المياه ويحتمى بنفس سمائها ولكنه سلم نفسه وما يملك لغيره الذى وضع فيها أنه فقط من يملك مفتاح الصلاح والإصلاح ولا احد غيره ولا يهمه غير ذلك حتى الدماء لم يكترث لها.
هذا الآخر الذى نشر اليأس ويحرص كل يوم على الاعتناء به ووجد له مؤيدين كثر نتيجة فساد احد اذرع الاخر أو خطأه أو حتى عدم توفيقه فهكذا لا تبنى الامم فكما اشرنا لو عانت امة من تواجد مثل هذه الحالة لسقطت وتناساها التاريخ بين ركام أوراقه ولكنها مصر.. مصر الحالة.. مصر التى تعهد الله عز وجل بحفظها وأهلها وخيراتها تحمل الرد على هذا الاخر الذى يزرع الشوك.
وينشر اليأس أن لا تفرح كثيرا ولا يغرك من حولك ومن يستمعون لك فمصر اعتادت أن تلد امثالك
وأن يكون لها من الأبناء من هم يدعون أنهم أبناؤها ويحملون فى اليد الأخرى خنجرا يطعنوه فى ظهرها ولكن دائما ما كانت تقف من جديد أقوى وأصلب من الأول بعد كل طعنة وطعنة.
استمر فى حقدك وغيظك حتى يأكلك نارهم ومن يبنى ويعمر حتى لو فشل مرة استمر فأنت تؤيدك كل الكتب السماوية.. استمر ولا تلتفت إلى هذا الآخر مهما كان قربه منك، ومهما كان ماهرا أو حتى خبيرا فسوف يصبح عدما تذروه الرياح وستحيا بنا مصر دائما رائدة بين الأمم.